لم يمض سوى (أسبوع واحد) فقط، مُنذ بدء التسجيل في (حساب المواطن) لذا من الطبيعي أن تكون الأسئلة المطروحة والاستفسارات المُتخوفة أكثر بكثير من الأجوبة والتطمينات المسموعة، وبرأيي أن الوقت وحده كفيل بإزالة التخوف (غير المُبرر) من البعض وإحجامهم عن التسجيل في هذا المشروع الوطني الطموح والمُتحضِّر، لأسباب متنوعة نسمعها تُطرح في المجالس وشبكات التواصل الاجتماعي، ونحتاج إلى (شفافية) في طرحها هنا، لعل بعض الغبش أن يزول. أغرب ما يُقال هو أن التسجيل في الحساب سيجعلك عرضة لتفحُّص أرصدتك البنكية، وكشف وتعقب مصادر دخلك الشهرية، كونك تفوض الحساب إلكترونياً بمجرد التسجيل فيه على تفحص كل مداخيلك المالية -وهو أمر لا يحبذه البعض- لذا تأتي توصية (خبراء المجالس) بتأخير التسجيل والتريث حتى معرفة ماذا سيحدث بناء على قاعدة (أترك الداب وشجرته). آخرون يرون أن الإعانة المقدمة -مهما بلغت- لا تساوي مخاطر الإفصاح عن أسرارك المالية الشخصية، كما أنَّ ضرورة الإفصاح عن دخل الزوجة تحديداً شكَّل لدى بعضنا (عقدة)، كون المُتعارف عليه اجتماعياً أن الرجل هو المسؤول عن القوامة المالية وتلبية كافة مُتطلبات العائلة، لذا هم يرون أن (المعادلة خاسرة) إذا ما تم احتساب راتب أو دخل الزوجة من ضمن دخل الأسرة، هناك من لم يتشجع للتسجيل لأنه لا توجد أي (خانة موازية) للإفصاح أوتقييد (الأقساط) أو المُستحقات الشهرية التي يتم استقطاعها من دخل الأسرة، مع التركيز على ذكر كافة (مصادر الدخل) بالتفصيل. نحن لم نتعود على هذه الشفافية التي يتطلبها التسجيل في (حساب المواطن)، وهي تجربة جديدة عندما يكشف السعوديون عن خصوصياتهم الحياتية -المالية تحديداً- لذا أقترح على القائمين على هذا المشروع الوطني الرائد، الذي يعد انتصاراً لذوي الدخل الأقل في مجتمعنا، وحماية لهم بعد الله أرادت منه الدولة مُساعدة (المُستحقين حقاً) لمواجهة تبعات قرارات (رفع الدعم) عن بعض الخدمات، تقديم المزيد من التوضيحات، وتكثيف اللقاءات التلفزيونية، وبث رسائل توعوية أكثر، والقرب من الناس في مجالسهم وأسواقهم ومقار عملهم، ولتكن هذه الرسائل -كما آمل- ذات طابع تطميني حول (سرية المعلومات) والغاية من طلبها.. إلخ كنا وما زلنا نتغنى (بالخصوصية)، وآكد أنواعها (الخصوصية المالية)، لذا لن يكون من السهل كسر هذه الثقافة، وتخطي هذه العقبة، ما لم ينجح الحساب في إقناع الناس أنهم لن يكونوا من مُستحقي الدعم، ما داموا يخفون الحقيقة. وعلى دروب الخير نلتقي.