دخلت مهنة الخطبة من قبل الرجال والنساء مرحلة جديدة منتقلة من العشوائية إلى التخصص، فقد أصبح هناك نساء متخصصات لهذه المهمة ومتفرغات لها حيث يطلبن من أسر الفتيات السماح لهن بعرض فتياتهن على الباحثين عن الزواج مقابل مبلغ مالي، وقد تزود الأسرة الخاطبة بصورة للفتاة، وفي الوقت نفسه تمتلك الخاطبة صورا للراغبين في الزواج من الرجال، مهنة الخطابة لم تقتصر على النساء فقط بعد دخول عدد من الرجال تحت مسمى وسيط اجتماعي في بعض المواقع الإلكترونية، ليظهر معهم العديد من المسميات كزواج الوناسة والمسيار والمتعة، رغم تأكيدات بعض هؤلاء بأن نجاح الزواج عن طريق الخطابات لا يتجاوز ال 10 %. «الجزيرة» حاولت التعرف على آراء مختلفة حول الزواج عن طريق الخاطبات، قالت عبير خالد: إنها لا تؤيد أن يكون هناك وسيط اجتماعي قائلة « أفضل اختيار للزوجة عن طريق الأم ومن ثم الأب ومن ثم الأولياء الصالحين لكن عن طريق خطابة أو مواقع الكترونية فهي سيئة للطرفين وليس بها بركة ونهايتها سيئة للطرفين». فيما برر أحد الشباب تفاعله مع هذه المواقع بالهروب من التكاليف الباهظة للزواج وغلاء المهور في المجتمع السعودي، مضيفاً أن عوائق اجتماعية أخرى حالت بينه وبين بنات وطنه، بينما تبين له فيما بعد أن تكاليف الزواج الخارجية باهظة ولا تقدر بثمن وليست كما يشاع أنها الأرخص ثمناً. كما بينت فاطمة الغامدي أن المواقع الإلكترونية ليست إلا مضيعة للوقت بين تعارف ومماطلة، وأشارت إلى أن الخاطبات تأتي بمعرفة من الأهل، صحيح أن كل من يأتي عن طريقها ليس جيدا ولكن لا نشمل الجميع. وحول تلك الظاهرة يقول أخصائي علم الاجتماع في جامعة الملك سعود أ.د سليمان العقيل: « إن تلك الظواهر من المستجدات التي دخلت على المجتمع في وجود حاجه لها، ولابد أن ننظر لهذا الموضوع من الناحية الاجتماعية، ولماذا وجدت في مجتمعنا؟ السبب في ذلك أن مجتمعنا مجتمع محافظ المرأة لا تخرج ولا يمكنها أن تتعرف على أحد لذلك فهي تنتظر أن يأتيها الزوج لبيتها». وأضاف د. العقيل «أن هذا الأمر فيه محاذير من الناحية الدينية والتاريخية الاجتماعية، فسابقا المجتمع كان بسيطا وقريبا والناس يعرفون بعض، أما المجتمع الحالي فهو مجتمع كبير المدن كبيرة و بها كثير من الناس، فبالتالي البيوت تضم كثيرا من البنات والأسر لا تعرف ما بداخل البيوت، لذلك أصبح هناك صعوبات ونزوح إلى المدن الأخرى. وأوضح العقيل «أن ازدياد رغبة الشباب في الزواج جعل المجتمع يقدم كثيرا من التنازلات لمساعدة الأسر على الزواج سواء الشباب أو الشابات من خلال مساعدتهم على اختيار الشريك فظهرت الخاطبات ثم جاءت المواقع الالكترونية ثم وسائل أخرى للتعارف من ضمنها السفر والمنتديات العامة حتى يتعارفون ويكون لديهم القدرة على الاختبار بأنفسهم وليس عن طريق الأهل أو الوسائل التقليدية الأخرى. وأشار د.العقيل إلى أن هذه القضية مرحلية فلا يزال المجتمع السعودي يعيش في مرحلة تغير في كثير من أمور الحياة وأتوقع أن هذه المرحلة ستنتهي وتصبح من الماضي. أما في ما يتعلق ب ال 10% من الزواج غير ناجح عن طريق الخاطبة قال د.العقيل «إن من يضع نسبة من عنده فهذه قضية تخصه لأنه يرى من تزوج من حوله في المجتمع فقط، ولكن عندما نقول تحديد للنسب فلابد أن نجري دراسات وبحوثا حول هذه الظاهرة، مؤكداً أن الزواج عن طريق الأسرة هو الأكثر نجاحاً والأكثر استقراراً، فالخاطبة ما هي إلا أداة وصل بين شخصين فهي لا تعلم شيئا عن الشاب المتقدم غير انه يريد الزواج. وقال د. العقيل إن إحدى الدراسات أرجعت أسباب زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات السعوديات إلى تنامي ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج التي حرمت الآلاف من بنات الوطن من حقهن في الزواج وبناء أسرة وجعلتهن عرضة لأمراض الاكتئاب والاضطراب النفسي والسلوكي.