نجد مكاناً هي: المشرقة المرتفعة، والنجد: الطريق الواضح المتصل. ويقال: طلّاع أنجد: ركّابٌ لصعاب الأمور، سامٍ لمعاليها. وهي أرضٌ في المملكة العربية السعودية معروفة ومشهورة وقد عُرِفت هذه الأرض عبر التاريخ فقيل في وصفها: نجد الفيحاء الخضراء ذات الأودية والمروج والقرى والحدائق وذات الجبال والسهول، والمن والبر منبع القبائل الكبيرة ومسرح الجياد الأصيلة. نجد ملعب الصبا والنعام، ومنبت العرار والخزامى ولقد كانت هذه المنطقة مكاناً خصباً للجمال وتفتح قرائح الشعراء بقصائد رائعة كانت نجد ملهمتها، وقد ذكرت نجد في أشعار امرئ القيس، وطرفة بن العبد والحارث بن حلزة اليشكري وأوس بن حجر وزهير وعنترة. وفيها عُرِفت قصص الحب العذري التي أصبحت مثلاً يروى وحكاية تدور على ألسنة الزمن في قصته ليلى والمجنون. ونجد ليست مجرد مكان في جغرافية الأرض، بل احتلت مكانة مرموقة في قلوب ناسها الذين أحبوها وترعرعوا فيها. لتتخذ في الشعر حيزاً اتّسعت دائرة حدوده مثلما تشعّبت فيه مدارات الدلالة ومغازي الإيماء في معانٍ مختلفة وفق أسبقية القصائد وحسب الحالة الوجدانية التي يُعبّر عنها الشاعر، فنجد هي رمز الجمال البدوي في صفائها البكر، وهي موطن العرب الأوائل. لقد حفلت نجد بمكانة عظيمة في شعرنا القديم والمعاصر وفق دلالات متعددة ارتبطت بحالة انفعالية معينة وهذا هو الشاعر يدعو إلى التمتع بنبات نجد قبل الرحيل: يربط الشاعر دلالة نجد المكان الجغرافي بما تنبته من نبات يريد أن يتنسم عبقه، لأن داعي الرحيل قد نادى ولم تعد إمكانية البقاء ممكنة، فلا بد من التزود برائحة عرار نجد الذي سيكون صعباً بعد هذا المساء. كما وردت نجد في اليتيمة بدلالة تحل معنى ذا بعد نفسي مرتبط بالحالة الشعورية لقائلها في البيت المشهور: فالشاعر هنا يربط بين دلالة المكان نجد والحالة العاطفية للمحبّ الذي يرى هواه في نجد. وثمة من ربط بين نجد ونسيمها الذي كان سبباً لإيقاظ لواعج الشوق والحنين كما نجد في قول ابن الدمينة: ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد وللمتنبي في نجد قوله: ولمجنون ليلى في نجد رائيةٌ يمزج فيها بين الأرض وعوامل الطقس فيها، فالسماء حين تمطر فيها تفوح رائحة المسك وتنشر العنبر وهي ترى بعين القلب إن أصبحت العين الباصرة قاصرةً عن رؤيتها. يقول في ذلك: ونجد المكان الذي يعيش في وجدان سكّانه فلا يغادرونه إلّا نادراً وفي هذا المعنى يقول الشاعر دريد بن عبد الله الصمة: فيؤكد أن نجد المكان لا يمكن مغادرتها لما فيها من خيرات وفيرة تمنح الإنسان الشعور بالرضا وتمكّنه من الاستقرار فمن النادر أن تُغادَر فلا بدّ لمن يريد أن يغادرها مرغماً أن يقف وقفة مودّع وقد احتلّت في قلب مغادرها مكان الضلوع: