بعد اندلاع ما يُسمى (الربيع العربي) وانكشاف الأهداف السياسية وراء الفوضى اتخذت السعودية في شهر مارس 2014م قراراً اعتبرت فيه أن جماعة (الإخوان المسلمين) جماعة إرهابية، اعتُبر ذلك القرار حاسماً على اعتبار أن المرجعيات الفكرية للجماعات المتطرفة سواء كان (تنظيم القاعدة أو داعش) يحملان أدبيات مؤسسي ومنظري جماعة الإخوان، واعتُبر القرار السعودي آنذاك أنه يأتي في نطاق مكافحة الإرهاب الذي عانت منه السعودية كثيراً، فمنذ حادثة الحرم عام (1400ه الموافق 1979م) والرياض تخوض حرباً ضد هذه الأفكار المتطرفة. كان لابد وأن يكون المدخل عبر هذه المقدمة بالرغم أننا سنخوض في رؤية الولاياتالمتحدة في حكم الرئيس الخامس والأربعين دونالد ترامب وعلاقتها مع جماعة (الإخوان المسلمين)، فالسياسة الأمريكية التي تعاملت مع «الاسلام السياسي» خلال حقبة الرئيس باراك اوباما بأسلوب الاحتواء من خلال طرفين رئيسين في الشرق الأوسط، فالتعامل مع إيران جاء عبر عقيدة أوباما السياسية التي عملت على احتوائها باعتبار أن ذلك سيشكل تخفيفاً للطموحات الإيرانية في برنامجها النووي، وكانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن ذلك سيسهم في انخفاض التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، وبعد أكثر من عام على توقيع الاتفاق النووي (يوليو 2015م) تبين خطأ التوجه الأمريكي فالإيرانيون لم يتوقفوا في تدخلاتهم، كما أن مشاريع تطوير منظومات الصواريخ البالستية تواصلت. الطرف الآخر الذي تعاملت معه الإدارة الأمريكية كان جماعة (الإخوان المسلمين) فشكلت الثورات العربية حالة مهمة في تعاطي الولاياتالمتحدة مع دول تونس ومصر وغيرها من دول تأثرت ب(الربيع العربي)، وإن كان ما حصل في مصر هو الأكثر وضوحاً من خلال تأييد الرئيس أوباما للتجربة الإخوانية التي تكشفت لاحقاً بداية من إقصاء التيارات السياسية المصرية ووصولاً إلى مد الجسور للإيرانيين، جماعة (الإخوان المسلمين) في أكثر من دولة عربية وجدت منفذاً إلى السلطة السياسية بعد أن مهدت لها الولاياتالمتحدة الطرق الممكنة، الفشل المتشابك قد يكون عنواناً عريضاً في أكثر من تجربة، إلا أن الأسوأ هو أن جماعة (الإخوان) أيدت العُنف مما أدخل المجتمعات العربية في دوامة خطيرة. للمرة الخامسة، تقدَّم مجموعة من المشرعين الأميركيين بمشروع قانون لضم جماعة (الإخوان المسلمين) إلى قائمة المنظمات الإرهابية، وهو المسعى الذي واجه الفشل في السنوات السابقة، ولكن هناك توقعات بنجاحه هذه المرة، ولا سيما أن من بين مؤيديه أعضاء بارزين في إدارة ترامب الجديدة، بينهم وزير الخارجية المرشح ريكس تيلرسون الذي رسم ملامح السياسة الخارجية الأمريكية في جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي، وكان السيناتور تيد كروز (العضو الجمهوري عن تكساس) والنائب ماريو دياز بلارت (العضو الجمهوري عن فلوريدا) قدما مشروع قانون إدراج جماعة (الإخوان المسلمين) ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وطالبا بتصنيفها منظمة إرهابية أجنبية استناداً إلى اعتناقها «أيديولوجية إسلامية عنيفة تستهدف تدمير الغرب». إدراج جماعة (الإخوان المسلمين) إلى جوار الحرس الثوري الإيراني ضمن قائمة تضم الجماعات التي تضر بالولاياتالمتحدةالأمريكية، نتيجة العداء التاريخي المستحكم بين الولاياتالمتحدةوإيران، يعزز من فرص تمرير هذا القرار من قبل الكونغرس الأمريكي، وهو الذي سيسهم بشكل مباشر في تخفيف حالة التوتر القائمة في الشرق الأوسط، فمنهجية الفوضى والقتل والتدمير التي تمولها إيران عبر أذرعها (الحرس الثوري وحزب الله والحوثي) تقابلها جماعة الإخوان المسلمين التي خرج من رحمها (القاعدة وداعش وحسم)، وهو ما تراه إدارة الرئيس ترامب إستراتيجية في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.