مع بدء العمل ببرنامج التحول الوطني اعتبارا من منتصف 2016م والإعلان عن حزمة الإصلاحات المالية والهيكلية للاقتصاد السعودي المتوقع تطبيقها بشكل تدريجي خلال الأعوام الأربعة القادمة والتي تضمنت قرارات تتعلق برفع الدعم عن الكهرباء والمياه والوقود واللقيم وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء وتحصيل المقابل المالي على العمالة الوافدة وفرض ضريبة القيمة المضافة وفرض ضريبة السلع الضارة وفرض رسوم التأشيرات والبلديات والمرور وغيره من القرارات التصحيحية، فإننا كمواطنين حتماً أمام مرحلة جديدة كلياً تختلف تماماً عن السابق. لذلك واعتبارا من هذا اليوم، يجب أن نقتصد في إنفاقنا الاستهلاكي قدر الإمكان وخصوصاً استهلاكنا الشخصي من الكهرباء والمياه والوقود وغيرها من السلع والخدمات الأساسية التي نحتاجها في حياتنا اليومية في ظل تطبيق آليات تسعير جديدة ستؤدي والله أعلم إلى ارتفاع في مستويات التضخم حتى عام 2020م، آخذين في الاعتبار أننا ندرك داخل أنفسنا وجود هدر أو إسراف في سلوكيات الاستهلاك والتي قد تختلف من شخص لآخر، وفي المقابل يجب أن نقنن من إنفاقنا الموجه للسلع والخدمات الكمالية قدر الإمكان وأن نسعى إلى تنمية مدخراتنا المالية التي ستصبح تحدياً حقيقياً لكل مواطن يسعى لتحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية بعيدة المدى له ولأسرته. قد تكون الأربعة أعوام القادمة صعبة علينا جميعاً وهذا صحيح لكن يجب النظر لها على أنها تضحية في سبيل إنجاح الإصلاح الاقتصادي الكبير الذي ستعيشه المملكة حتى عام 2020م وذلك حتى ينعم أبناؤنا وأحفادنا بحياة كريمة تليق بهم وبمستقبلهم، ويجب أن ندرك أننا إذا لم نقم بإعادة الهيكلة الاقتصادية هذه ونساهم فيها فإنَّ أبناءنا وأحفادنا سيدفعون الثمن غالياً وبلا شك !!! المهم أنه بعد أربعة أعوام من الآن سيكون اقتصاد المملكة - بإذن الله - مختلفا وفي وضع أفضل لأننا حينها سنكون قد أصلحنا التشوهات الهيكلية في سوق العمل، ونجحنا في تقليل أثر الإيرادات النفطية على إيرادات الدولة وعالجنا الاختلالات في السوق العقارية وجعلنا من بلدنا مركزاً مالياً إقليمياً لجذب الاستثمارات المتنوعة بإذن الله. النقطة الأخيرة تتعلق بضرورة أن يحافظ كل مواطن على وظيفته (سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص) وأن يسعى لرفع مستوى إنتاجيته في ظل المنافسة القوية مستقبلاً على الوظائف وخصوصاً الإدارية منها وفي ظل الرغبة في تحسين مستويات الدخل، وحتى نفهم ذلك جيداً لنتخيل قليلاً الشكل الذي سيكون عليه الدخل الإجمالي للدولة من القطاع الحكومي والقطاع الخاص من دون الإيرادات النفطية، ثم نقسم هذا الرقم على عدد العاملين أو عدد السكان بعد استبعاد 65 ألف موظف من المعادلة يمثلون عددا من موظفي شركة أرامكو، عندها سنجد ان متوسط دخل الفرد العامل أو متوسط دخل الفرد في المملكة عند معدلات مخجلة جداً لن يقبل بها أي أحد على الإطلاق، وهذا يدل على ضرورة أن نرفع إنتاجيتنا حتى نتمكن من رفع دخلنا بإذن الله.