(بنت الأعشى) الأستاذ المتألق دائماً وأبداً فيصل أكرم أديب شاعر ناثر يستهويك قلمه، لأن شهده يعزف على أوتار الكلمة المؤثرة، تلك الكلمة التي يطرح من خلالها ترانيم النقد الأدبي البناء المغيل وهي قضايا في صميم الأدب والشعر والنثر، ومن جماليات طرحه اهتمامه برؤى نظر الآخرين وسردها بوضوح وأمانة ودقة، فكأني به يؤمن إيماناً قاراً باراً حاراً بمبدأ اختلاف وجهات النظر لا يفسد الود، ومن خلال هذا المبدأ تظهر سمات أخلاقية خلاقة بارزة في شخصيته، تاقني أدبه، وتوقتني كلماته، وأخذت بتلابيب عقلي قدرته العجيبة في سرد قصص مقالاته، ثم هو أمام قصص طويل ساهب ممتد فإذا به يحول القصة الطويلة المترامية الأطراف، إلى قصة قصيرة جداً مشيراً إلى شخصياتها وقائد الطرف وهو بطلها، ثم يعرج على حدثها وحديثها، وثمة ينقلك إلى عقيدتها وبؤرتها ومغزاها. وأخيراً إلى تفكيكها ووضع الحلول المناسبة، ويبدو لي أنه قد قرأ كتاب: (كليلة ودمنة) فتأثر به تأثراً عجيباً ملفتاً للبصر والبصيرة فإذا به يسوق قصص الحيوان كقصة الجبنة والغراب والثعلب، ثم يجري الحكمة والحنكة والحبكة على ألسنة الحيوانات، والقصص التي يطرحها عزيزي القارئ كل منا يسهر على ليلاه فيها، فلك حكمة ولي حكمة ولك حكمة، والأديب السريد فيصل أكرم- يقرأ القصص الأجنبي بأكثر تراجمه، ثم هو يفضل ويقارن بين الترجمات، فالإلياذة قد قرأها بأكثر من ترجمة وفاضل بينها لله دره. وفي مقالة أدبية يانعة كاعبة فضل وفاضل بين أديب الشعب الفرنسي موليير وبين أديب الشعب الإنجليزي شكسبير تحت العنوان التالي: (لغة شكسبير ولغة موليير) فيقول تحته: (اعتزاز الفرنسيين بشاعرهم موليير وبلغتهم الفرنسية التي يصفونها تفاخراً بأنها لغة موليير، والشيء نفسه تقريباً كان قد حدث في بلاد الإنكليز- إنجلترا- مع شاعرهم الحاضر في أدبيات العالم كله وسيظل حاضراً شكسبير). وفي ختام المقالة يقول: (مهما نقرأ من قصائد ومسرحيات- وكوميديات- موليير، مترجمة من لغتيهما الأصليتين إلى لغتنا العربية فلن نعرف جمالياتها الحقيقية أبداً، علينا إذا أن نقرأ قصائد وآداب شعراء ومبدعي لغتنا المعاصرين جيداً، ونتساءل بشيء من المصارحة: لماذا اختفت المسرحيات الشعرية لدينا؟ هذا إن كان لها وجود جماهيري فصيح قبلاً). والأديب الموقر فيصل أكرم شعر فصيح من شعراء التفعيلة وله نغم صادح. يقول في إحدى مقالاته والتي عنون لها بالعنوان التالي: (أرشيف الشروق.. تغريد الذاكرة) سيدوم هذا الصمت فيك ومنك حتى تستفز قصيدة كتبت خطوطاً في يديك وأنت تقبض من طلاسمها وجودك في المكان وهو في شعره واضح المعنى، مفهوم اللفظ، يساير ويعايش لغة عصره الذي يعيش بين جنباته، وخياله مبسوط الجناح، مفرود الطرف، وعاطفته صادقة كل الصدق، يقينية كل اليقين، وهذه القريحة الشعرية الشاعرية تنطق بصوت رقراق متهلل سلسبيل من خلال اختياراته لأبيات القصد والقصيد، ثم هو موفق في اختياراته الشعرية، نافذ القصد، صائب السهم، وهو يتيح لكل قارئ أن يدلي بدلوه فيها، ويغرف من معانيها ما يعجب ذوقه، ورضي حوسه، ويملأ عينه، والناس في أذواقهم على طبقات وأصناف شتى.