أخذ حقلُ اللباس الدلاليُّ حيّزاً في الخطاب النقدي، ولفت هذا الحقل انتباه النقاد العرب الذين استعملوه أنفسهم، فالجاحظ يقول: «ووصفوا كلامهم في أشعارهم فجعلوها كبرود العَصْب والحلل والمعاطف والديباج والوشي، وأشباه ذلك». وإذا أردنا التمثيل للألفاظ التي تندرج تحت هذا العنوان وجدناها كثيرة، ومنها ما نقله الجاحظ أنهم «قالوا عن عمرو بن الأهتم: كأن شعره في مجالس الملوك حلل منشورة»، كما أن الأصمعي حين أنشده إسحاق المَوصلي بيتين له قال: «هذا الديباج الخسرواني»، وقد أورد ابن المعتز شعراً ثم علق عليه بقوله: «فهذا كما ترى شعر كأنه الديباج». وجاء في أمالي اليزيدي أنه «قال أبو جعفر: وكان معاوية إذا قدم عليه وفد المدينة قال: انشروا لنا حِبَرات قيس»، ووصف ربيعة بن حذار الأسدي قصائدَ عمرو بن الأهتم بقوله: «وأما أنت يا عمرو، فإن شعرك كبرود حِبَر يتلألأ فيها البصر». وفي سياق حديث ابن طباطبا عن أدوات الشعر نجده يقول: «وإلباسه ما يشاكله من الألفاظ حتى يبرز في أحسن زي وأبهى صورة»، وقد مر بنا قوله: «يكون كالسبيكة المفرغة، والوشي المنمنم والعقد المنظم، واللباس الرائق»، وقريباً من هذا الوصف يقول أبو هلال العسكري مفيداً من هذا الحقل: «يحتاج صاحب البلاغة إلى إصابة المعنى كحاجته إلى تحسين اللفظ؛ لأن المدار بعدُ على إصابة المعنى، ولأن المعاني تحل من الكلام محل الأبدان، والألفاظ تجري معها مجرى الكسوة». وعليه فقد جاءت ألفاظ هذا الحقل بكثافة في الخطاب النقدي، ومنها على سبيل المثال: (برود، الحلل، المعاطف، الديباج، الوشي، منمنم، حبرات، خلقان، مُطْرَف، خمار، ثوب، خز، عصب، سمل، كساء، إلباس، زي، اللباس، ...).