لم يستفد النقد القديم من التأويلية التي اهتم بها فلاسفة الإسلام للتعامل مع النص الديني؛ بل انشغلوا بمحاولة التوفيق بين اللفظ والمعنى وأيهما أهم من الآخر ومناقشة قضية السرق التي تتعلق باللفظ والمعنى مما يدل على أحادية المعنى وحصره في شاعر ما ومُنع عن غيره؛ ومما جعلهم يجيزون الكذب في الشعر «ولا يستحسن الكذب والسرق والإحالة في شيء من فنون القول إلا في الشعر « (نقد النثر لقدامة بن جعفر ص90) ، وذلك منذ قدامة بن جعفر في (نقد الشعر) تحت عنوان (نعت ائتلاف اللفظ والمعنى) وفي كتابه (نقد النثر) حول البلاغة في النثر وأنها تساوي اللفظ والمعنى، وابن طباطبا في (عيار الشعر) الذي شبه علاقة اللفظ بالمعنى بالحسناء ومظهرها ولباسها، وعلي الجرجاني في (الوساطة بين المتنبي وخصومه)، فقد ذكر القضية تحت فصل (السرقات الشعرية) وجاء بمفهوم (المعنى المشترك)، وابن رشيق في (العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده) تحت فصل (باب السرقات وما شاكلها) ويرى أنه لا يسلم منه أحد، ونقل تقسيمات السرق عن الحاتمي، وأبي هلال العسكري في (الصناعتين الكتابة والشعر) تحت عنوان (في حسن الأخذ وحل المنظوم) وتطرق لتقسيمات السرق وللقبح في الأخذ (ويقصد السرق)، حتى الجرجاني في نظرية النظم الذي كان أكثر النقاد اهتمامًا بالمعنى لكن اهتمامه بالمعنى لا يزال محصوراً في أحادية المعنى لأن تقعيده لنظرية النظم إنما هو لأجل أن يتمم الخلاف في مفهوم الإعجاز في القرآن أكثر من كونه تنظير نقدي للنص الأدبي وقد أشار لهذا بقوله: «وذلك أن تعرف حجة الله تعالى من الوجه الذي هو أضوأ لها و أنور لها» (دلائل الإعجاز ص37)؛ ومع استيعاب بعض النقاد لتطور المعاني بتطور الإنسان إلا أن اهتمامهم لم ينصب على توليد المعنى من المعنى، بل تأطير بالمعنى باللفظ؛ كما جاء عند ابن رشيق القيرواني في قوله: «المعاني إنما اتسعت لاتساع الناس في الدنيا، وانتشار العرب بالإسلام في أقطار الأرض..» ويذكر هذا في معرض نقله عن ابن جني في جواز الاستشهاد بمعاني المولدين في شعرهم لا بألفاظهم، ولعل الاهتمام بالتأويل كان متأخرًا كما عند ابن رشد والغزالي إلا أن المعتزلة منذ بداية اعتزالهم اهتموا بالتأويل اهتمامًا كبيراً في تعاملهم مع النص.