نشرنا السبت الماضي الحلقة الأولى من تحقيق «الإذاعيين» ونكمل اليوم الحلقة الثانية والأخيرة. الإذاعة خاطبت جميع الأفراد من جميع الأعمار والطبَقات وأبان معد البرامج الثقافية في إذاعة الرياض هاني الحجي أن الإذاعة خاطبت جميع الأفراد من جميع الأعمار والطبَقات والجِهات المُختلفة، التي يَصعُب الوصول إليها بوسائل الإعلام الأخرى، فالإذاعة دخلت كل بيت وأصبَحَت رفيقة الناس في السفر وفي طرقاتهم الداخلية، والأخبار التي تُقدَّم فيها كما أن الفرد لا يَحتاج إلى عَناء للحُصول عليها سوى إدارة مِفتاح المِذياع، فيَحصُل على ما يُريد، فالإذاعة حلَّت مُشكلة انشِغال الناس وعدم فراغِهم للقراءة أو المشاهدة، وقدَّمت للمُستمِعين ما يَحتاجون إليه مِن أخبار وتسليات ولأن الإنسان المُعاصِر شغلته الحياة بالعمل الذي يأخُذ جُلَّ يومه، وقلَّما يَخلو إلى أسرته إلا في أوقات مَحدودة، لذا فالمِذياع حلَّ مشكلة انشغاله، وقدَّم له الغذاءَ اليومي على أطباق جاهزة لا يتعَب في إعدادها، في بيته أو مكان عملِه، في مَتجرِه أو في أماكن نزهاته. أم حديجان ومريم الغامدي وابن خميس وأضاف: الرسالة الإذاعيَّة أكثر فاعلية من بعض الوسائل الأخرى؛ وذلك لأن المذياع لا يكتفي بتقديم الأخبار، ومواده وبرامجه المتنوعة مجرَّدةً من زينة ولمعان، بل يُقدِّمها بصحبة الموسيقا والأغاني بشكل يَجعلها مَقبولة عند المستقبل الذي تروق له هذه؛ مما يجعلها مؤثِّرةً أكثر من غيرها من وسائل الإعلام الأخرى، كالصحيفة أو الكتاب. وبين أن تنوع برامج الإذاعة جعل منها وسيلة جماهيرية لم تقتصر على النخب من خلال البرامج الثقافية والفنية والدرامية التي قدمتها وكلنا نذكر (أم حديجان) عبدالعزيز الهزاع مثلاً وانتشار هذه الشخصية التي أصبحت محبوبة من جميع المستمعين ومريم الغامدي والعديد من الشخصيات التي اشتهرت عبر الإذاعة بالإضافة إلى أن الإذاعة ساهمت في توعية وتثقيف المجتمع من خلال البرامج الثقافية التي قدمتها ولعل برنامج من القائل للشيخ عبدالله بن خميس نموذج لهذا الدور التثقيفي التي قامت به الإذاعة للمجتمع. وهذا يؤكد الدور التي قامت به الإذاعة في تشكيل وصناعة الوعي الفني والأدبي للجماهير وفي نفس الوقت لم تكن نخبوية ولكن استفادت منها النخب في مخاطبة الجمهور. تمتلك الإذاعة السعودية حاليا أكثر من 500 ألف ساعة إذاعية محفوظة في الأرشيف.. وزاد: بالنسبة للمواد التي قدمتها الإذاعة لا شك أنها تمتلك أرشيفًا ضخماً من المواد الإعلامية حيث تجاوزت مواد أرشيف الإذاعة 350 ألف ساعة مخزنة إلكترونيا، تمثل أبرز المحطات التاريخية للمملكة ونقلاتها النوعية في مختلف المجالات، وكذلك في معظم الفنون على مدى 30 عاماً، وتمتلك الإذاعة لتسجيلات إذاعية يعود تاريخها إلى أكثر من 50 عاماً. كما تمتلك الإذاعة السعودية حاليا أكثر من 500 ألف ساعة إذاعية محفوظة في الأرشيف الإلكتروني، هذا الأرشيف الضخم يمثل ذاكرة ثقافية واجتماعية وفنية يفترض أن تتم الاستفادة منه عبر وسائل التواصل الحديثة أما بتنزيلها عبر اليوتيوب أو عمل أقراص ممغنطة بأهم البرامج التي اشتهرت وتوفيرها للمستمعين كما هي الكتب أو من خلال إعادة بثها من خلال برامج خاصة عن أرشيف الإذاعة وإن كانت متواجدة ولكن ليست بالصورة المطلوبة والمفعلة ويمكن من خلال استضافة الأحياء من الرواد الذي ساهموا في تأسيس وخدمة الإذاعة ببرامج خاصة. أما عن بدايتي مع الإذاعة فكانت عن طريق الإعداد لعدد من البرامج الثقافية وكانت البداية من خلال برنامج مشترك بين نادي الرياض الأدبي وإذاعة الرياض كان يبث من مقر النادي قبل أن يعود للإذاعة ويقدمه د. عبدالله الوشمي ود. صالح المحمود برنامج (المنتدى الثقافي) وهدفه التواصل مع المثقفين وفي إطار التعاون بين المؤسسات الإعلامية والثقافية والآن تم تغيير اسمه للمشهد الثقافي وهو برنامج رئيسي يبث على الهواء مباشرة ويسلط الضوء على المشهد الثقافي المحلي والعربي من خلال الأخبار واللقاءات المتنوعة المختصة بالجوانب الثقافية والأدبية, وقدمنا برنامج (رؤية في رواية) وتم تسليط الضوء في كل حلقة على رواية سعودية أو عربية ووجد إقبالاً وصدى وحقق حضورًا لدى المستمعين وناقش البرنامج خلال ثلاث دورات أكثر من مئة رواية. والعديد من البرامج المباشرة التي تتابع أهم الأحداث الثقافية كمهرجان الجنادرية ومعرض الرياض الدولي للكتاب. مشيرًا إلى عدد من الأسماء التي خدمت الإذاعة وارتبطت أصواتها بذاكرة الجماهير من خلال البرامج التي قدموها أو وجودهم في العمل الإداري للإذاعة ويستحقوا الشكر والتقدير ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: منير شماء، ماجد الشبل، سعود الضويحي، دنيا بكر يونس، سلوى شاكر، نوال بخش، بدر كريم، سعد الجريس, فهد الصقعوب, خالد الخنين. فطرة الإعلام ومنبعه قبل أن يصبحوا كباراً المذيع والشاعر مفرح آل مَجْرَد الشقيقي وصف الإذاعة بأنها منبع الإبداع الإعلامي الأول، وهي فطرة الإعلام، من يبدأ من أثيرها يظل صديقاً للجمال، ويتتلمذ بصدق في مكانٍ مرَّ عليه الكبار قبل أن يصبحوا كباراً، في الإذاعة الأخطاء أقل والعمل أمتع والناتج أكثر نجاحاً، وهي شريك رئيس في تأسيس المشهد الثقافي والفني والاجتماعي وغيرها. مبينًا أن الإذاعة لم تكن نخبوية، كان يسمعها المثقف في بيته والراعي مع غنمه والفلاح في أرضه، ويستمتعون بها وبما تقدم، ولكن حالها حال بقية الجهات الإعلامية كان لابد أن تختلف وفقاً لتغيّر الحال، على مستوى المضمون وطريقته. الإذاعات الخاصة ليست كلها ناجحة، وفكرة الجماهيرية لم تُحقق عندنا بالشكل الجيد في رأيي، فأنت تستطيع أن تكون جماهيرياً دون تسطيح، الذي حدث أن السطحية عمّت في بعض الإذاعات الجديدة تحت ذريعة الجماهيرية وهذا خطأ سيدفع ثمنه المجتمع. وطالب الشقيقي بتحرير أرشيف الإذاعة والتلفزيون، وإعادة الاستفادة منه، وتقديمه، وتوثيق اللحظات التي غابت عن الأجيال التي لم تعايش المرحلة، واصفًا ذلك بالإرث الحضاري المهم، ومن غير المنصف أن يظل حبيس المكتبات أو الأشرطة أو الأنظمة الأرشيفية، وحول تجربته الشخصية منذ ولوجه بأول موجة عبر الأثير استعاد الشقيقي كل ما دار ويدور وسيدور في الفضاء وموجاته المتزاحمة بزفرة حنين عبر عنها بآه وقال: هذه حكاية طويلة ولكنها باقية في روحي ما بقيت، دخولي للإذاعة كان ممتلئاً بالحلم والطموح والحماس، كنت أمشي في ممراتها وأقول في نفسي من هنا مشى ماجد الشبل وغالب كامل وسليمان العيسى وحسين النجار وكل الكبار العمالقة، كنت أنصت لصداهم وأنا في الإستديو، وأعيش كل لحظة محاطاً بتطلعات وآمال وطموحات كبيرة، الإذاعة علمتني كيف أكون متيقظاً لسلامة كل كلمة، وكيف أكون عملياً في إدارة الوقت وأنا أطالع ساعة الإستديو الرقمية أمامي، وكيف أخرج بحوار ممتع أجاهد فيه من أجل جذب مستمع كل ما أملكه لجذبه هو الصوت فقط وعليَّ مهمة أن يكون صوتي هو الصورة والجاذب والممتع لهذا الذي خصص شيئاً من وقته ليستمع، خرجت بذكريات وحكايات وأحداث ومواقف ستُروى كاملة يوماً ما وستكون شاهداً على واحدة من أجمل مراحل حياتي، ولابد هنا أن أقول شكراً للدكتور عبدالعزيز السبيل وشكراً للأستاذ يحيى الصلهبي وألف شكراً للدكتور صالح المحمود، وبالمناسبة محمد الرويلي صاحب هذا التحقيق كان أحد ضيوفنا في أول حلقة قدمتها في الإذاعة. واعترف الشقيقي بقوة الشاشة وجاذبيتها أمام الإذاعة وقال: نعم لابد أن نعترف بقوة الشاشة وجاذبيتها وهذا ليس لدينا فحسب بل في العالم كله، ولكن هذا لا يعفينا من أن دور الإذاعات ما زال قاصراً عن إيصال رسالتنا الثقافية للعالم، وأعتقد أننا بحاجة ماسة وعاجلة للتطوير، والتفكير في كيفية وصول أقوى للمستمع وخاصة في ظل تعدد الوسائل الإعلامية التي تستطيع منها اليوم أن يحصل على الخبر والمعرفة بكل سهولة، ولكن لا تظن ياعزيزي أن الإذاعة بلا جمهور هذا اعتقاد خاطئ، من يجرب العمل الإعلامي فيها سيدرك تماماً جماهيريتها، صحيح أنها لا تُقارَن بالتلفزيون وكلاهما يكمل الآخر ولكنها أيضاً ليست شحيحة أو فقيرة جماهيرياً. تزايدت نسبة قلة الوعي في إطار المجتمع بشكل عام كما تطرق أحد أهم مقدمي البرامج الإذاعية الثقافية د. زيد الفضيل لأبرز رواد حركة النهضة الثقافية التي صاحبت الإذاعة في البلاد وقال: كانت الإذاعة حال ظهورها أحد أهم منصات الثقافة والمعرفة في عالمنا العربي إجمالا ووطننا بشكل خاص، حيث قدم من خلالها العديد من المثقفين والأدباء والعلماء الكثير من البرامج الأدبية والدينية والمعرفية إجمالا، وأصبحت صوتا لكثير من رواد حركة النهضة الثقافية في المملكة العربية السعودية كالأديب عزيز ضياء، والأديب طاهر زمخشري (بابا طاهر) والأديب محمد حسين زيدان، والشاعر السفير حسن القرشي، والأديب اللغوي الشيخ أبو تراب الظاهري، وغيرهم من العلماء والأدباء الذين أهدوا الساحة الكثير من كنوزهم.. مبينًا أنه خلال تلك الفترة وحتى وقت قريب لم يكن هناك فجوة كبيرة بين طبقات المجتمع حتى مع وجود الأمية القرائية، إذ كانت الذهنيات متقاربة من حيث درجة الوعي بالأشياء، وتلك هي قيمة المعرفة عموما، لذلك لم يستشعر المثقفون أي غربة حقيقية في إطار مجتمعاتهم بالشكل الذي يستشعره نظراؤهم اليوم مع خفوت نسبة أمية القراءة والكتابة إجمالاً، واستدرك الفضيل لكن في مقابل ذلك تزايدت نسبة قلة الوعي وخفوتها في إطار المجتمع بشكل عام، وهو ما أفرز حالة الوحشة الثقافية التي بتنا نسترسل في الحديث عنها ونُعبر عن صفاتها بأشكال وصور متنوعة. في ظل ذلك الوعي بث جيل النهضة أفكارهم، وقدموا برامجهم التي لم يستشعر المستمع أي فجوة معها، بل كانت قريبة إلى أفهامهم، ومحببة لهم، فيما اليوم بات أي حديث ثقافي بلغة شبه سليمة خالية من الفواحش والأخطاء، عملاً نخبوياً من وجهة نظر المستمع، والسبب يرجع حتماً إلى تدني درجة الوعي في إطار الجهات المُستقبلة، ووصولها إلى درجة الحضيض جراء ما يُقدم من استسخاف عبر مختلف القنوات الخاصة المرئية والمسموعة. وأضاف: وواقع الحال فتلك كارثة أجدني كمهتم بالشأن الإعلامي رافضاً للانجرار صوب تلبية رغباتها، مؤمناً بأن المثقف الحقيقي -وهذه إشكالية أخرى في ظل تنامي أشباه المثقفين اليوم وطغيانهم الصوتي في الساحة والمشهد- هو من يعمل على الارتقاء بذائقة متابعيه، دون استعلاء وتكبر، فهو كالمنقذ الذي تكون له القدرة على الغوص في الأعماق لانتشال الضحايا والخروج بهم إلى الأمان، وأماننا مجتمعياً هو الاكتناز بدرجة واسعة من الوعي التي لن تتأتى إلا بالمعرفة الصحيحة. وحتى نصل إلى ذلك مهم أن نرسثقافة التراكم الثقافي والحضاري في وجداننا، لنؤسس لثقافة التكامل، وفي تصوري فإن أحد أهم المُؤسِّسَات لذلك تكون باستعادة وعرض عديد من البرامج الثقافية والمعرفية القديمة، ليعرف أبناؤنا أننا أمة قامت على التراكم المعرفي، ولتحفظ الأجيال اللاحقة شيئاً مما نقوم به، وهو ديدن كل الشعوب المتحضرة. وعليه فأرشيفنا الإذاعي مليء بالعديد من البرامج الثقافية المهمة لعديد من الشخصيات الأدبية والمعرفية البارزة في المشهد، فلو خصصت الإذاعات العامة وحتى الخاصة بالتعاون مع وزارة الإعلام بعض البرامج التي تستذكر وتُعرف بتلك البرامج لكان لذلك أكبر الأثر في تأسيس بعض ملامح الوعي الذي يجب أن نعمل عليه بجد وقوة. وواقع الحال فلي تجربة مع ذلك ولو في إطار فني، حيث حرصت في برنامجي «مدارات» على إذاعة جدة، وهو برنامج ثقافي مبا شر لمدة 50 دقيقة تقريباً، على أن أقدم وصلة في كل حلقة لأحد مسامع سيدة الغناء العربي أم كلثوم، التي وإن كانت معروفة على صعيد الاسم اليوم بين شبابنا، لكن أكثرهم يجهلون كثيرا من تفاصيل عديد من أغنياتها الخالدة، وكان هدفي من ذلك أمرين: ثانيهما، أن أجدد العهد بالطرب الأصيل، وأنظف أسماع جيلنا المعاصر بشيء من الغناء الساحر المرتكز على المقامات العربية الأصيلة؛ أما أولهما، فقد هدفت التأسيس لحالة التراكم الثقافي من خلال التعرف على شعراء الأغاني وملحنيها بتقديم نبذة عنهم في كل حلقة من الحلقات، وهو هدف تحقق معي بشكل جيد، حيث باتت تصلني العديد من الرسائل المُعبرة عن شكرها، من جيل الآباء، لما صاروا يلحظونه على أولادهم من اهتمام، وحدث ذلك والبرنامج يعرض على إذاعة جدة الرسمية وليس على أحد الإذاعات الخاصة، التي حتماً سيكون التأثير من خلالها أكبر، إن آمنت بالمشروع وأرادت بلوغ نتائجه الإيجابية بعيداً عن سياسة السوق والاستثمار الرخيص. أما المذيعة ومعدة برامج في إذاعة المملكة العربية السعودية في جدة إيمان شيخين فقالت قد اتفق معك بأن الإذاعات في بداياتها وجهت للنخب من المستمعين المهتمين بمسائل الآداب والثقافة الرفيعة كما أنها تتجاهل القضايا الشعبية والمجتمعية لكن ذلك كان في البدايات مبينة أن الوضع اختلف، بعد أن أصبح للمذيعين الشباب وجود لافت على الإذاعة «اقصد الحكومية» بجانب المذيعين المخضرمين في هذا المجال وللشباب أسلوب مختلف تماماً عن الجيل السابق في الإعداد والتقديم مع الحرص على قيمة وفائدة المحتوى والرسالة الإعلامية, اليوم نجد على الإذاعة برامج ثقافية وترفيهية وبرامج تعنى بالأسرة وغيرها من البرامج المختلفة التي ترضي ذائقة الجميع على اختلاف اهتماماتهم وبالتالي أصبح للمستمع حق الاختيار ومتابعة ما يستهويه على عكس السابق. وعن أرشيف الإذاعات الزاخر باللقاءات والحوارات والمواد والبرامج الثقافية وإسهامه في النهوض والعودة في الأثير والأذهان للمستمعين قالت شيخين عليك أن تتوجه بهذا السؤال للإذاعات الخاصة التي أشك بأنها تمتلك أصلاً أرشيفاً خاصاً بمثل هذا النوع من البرامج واللقاءات, أما فيم يتعلق بالإذاعات الحكومية فهناك برامج خاصة تستحضر من الأرشيف البرامج القديمة التي علقت في أذهان المستمعين من الأجيال السابقة وتعيد بثها من جديد لتعيد إلى ذاكرتهم ذلك الزمن الجميل و لتثري أيضًا معلومات الأجيال الحالية وترفع من مستوى ذائقتهم، من هذه البرامج على سبيل المثال لا الحصر برنامج «من ذاكرة الإذاعة» والذي يبث حالياً على إذاعة جدة. مشددة على أن التطوير ومواكبة المستجدات أمر مطلوب والمشهد الثقافي أصبح اليوم بأبعاد مختلفة أكثر عن السابق.. وتتابع: أما من يقول بأن الإذاعة تتهاوى أعتقد بأنه يعبر عن رأيه الشخصي ربما هو شخص غير مهتم بالإذاعة ولكن يهتم بوسائل إعلامية أخرى، للإذاعة جمهور كبير ونستطيع نحن المذيعين أن نلمس ذلك من خلال تفاعلهم السريع معنا في البرامج المباشرة خصوصاً وأن الإذاعة تتيح للمستمعين طرح آرائهم والنقاش حول الموضوعات المختلفة في لحظتها بالصوت عكس الصحف الورقية وبعض مواقع التواصل، أضف إلى ذلك أن الإذاعة وسيلة سهلة للحصول على المعلومة السريعة وملخص لأبرز الأحداث حتى في وقت انشغالك سواء كنت في المنزل، السيارة أو العمل. إذا أردت أن تتعرف على قيم مجتمع معين فأبدأ بسماع إذاعاتهم من جانبه أكد مدير التدريب في هيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ ماجد بن جعفر الغامدي مؤلف كتاب: الإعلام والقيم أنه إذا أردت أن تتعرف على قيم مجتمع معين فأبدأ بسماع إذاعاتهم وراقبها جيداً وستعرف فيما يفكر هذا المجتمع، طبعاً ينطبق كذلك هذا على بقية وسائل الإعلام الأخرى لأهميتها وانتشارها تستطيع أن تتعرف على قيم المجتمع من خلال وسائل إعلامه المتعددة. مؤكدً أيضًا أن الإذاعة تساهم وبشكل قوي جداً في نقل العادات والقيم من جيل إلى جيل وتبرز التراث الثقافي الأصيل عبر محتوى البرامج الأصيلة.. وتتجلى لنا القيم من خلال متابعة عناوين البرامج التي نسمعها في الإذاعة، وهنا السؤال الصريح لذواتنا كم هي نسبة الجانب الثقافي القيمي من مساحة البرامج اليومية؟.. ولله الحمد يوجد عدد من البرامج القيمة الثقافية ولكن آمالنا أن يحظى الجانب الثقافي بالمزيد من الزيادة والاهتمام والانتشار وأوضح أنه مع تعدد وسائل الإعلام وتغير التقنية تطور مفهوم الإعلام الصوتي الإذاعي، وتم افتتاح الإذاعات الرقمية (Digital Radio) والتي يستطيع أن يستمع لها أي شخص عبر الجوال أو الكمبيوتر وأصبح لها وصولية أعلى للمتلقين والمهتمين بالإذاعة، ولذلك زاد عدد الإذاعات في العالم حيث بلغ 46 ألف إذاعة في العالم وذلك حسب إحصائيات «About Tech» والتي تم الإعلام عنها في اليوم العالمي للإذاعة 13 فبراير 2016م.. وأشار الغامدي إلى أن أمام الإذاعة الكثير من التحديات في العصر الحالي من أبرزها أن تناقص الجماهير أمام ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، فعليهم ابتكار الأدوات والوسائل الحديثة التي تجذب الجماهير. وعن جاذبية محتوى البرامج الإذاعية للمستعين، يجب أن يطرح القائمون على الإذاعة هذه الأسئلة على أنفسهم: لماذا يستمع الجمهور لإذاعتنا؟.. ما الذي يجذبه حتى يبقى مستمراً للاستماع؟.. ما الذي يميزنا عن بقية الإذاعات؟. وذلك لمحاولة زيادة التفاعلية مع الجماهير وأن لا يكونوا هم المرسلين للمادة الإعلامية فقط، بل الجمهور مستمع ومشارك في الوقت ذاته. كما أكد الإذاعي محمد البارقي أن إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية استفادت من الطفرة الرقمية في عالم الاتصالات والشبكات (السوشل ميديا) بعد أن حصدت مؤخراً أرقاماً عالية في العالم الرقمي وحضوراً مميزاً في منصات الإعلام الجديد المختلفة وذلك من خلال رفع برامجها لحظة بلحظة على موقعها الرسمي بقناة اليوتيوب الذي فاق عدد المشتركين خمسين ألف مشتركاً بالقناة متابعاً ومستفيداً ومستنيراً ببرامجها التي تعنى بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكذلك برامجها الدينية والاجتماعية المباشرة وربطها بموقعها الرسمي بمواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة تويتر والفيس بوك والذي بلغ عدد المتابعين بهما مئات الآلاف من المتابعين وذلك للإعلان عن برامجها ووضع روابط المتابعة لجميع البرامج واستمرارية نزول روابط البرامج والحلقات بشكل فوري بعد البث ليسهل متابعة من فاته برنامج أو ينهل من معينها من أراد التفقه في هذا الدين العظيم، مبينًا أيضًا أنه انطلقت مؤخرًا مسابقة قرآنية مع بداية حلول شهر رمضان المبارك وعلى الهواء مباشرة صوتاً وصورة للمذيع ولجنة التحكيم والمتسابقين القادمين من أنحاء المملكة عبر تطبيق periscope وبذلك تكون هذه الإذاعة المباركة قد أخذت نصيبها من منصات الإعلام الجديد المختلفة.