أما الدكتور أحمد رجائي في كتابه (أوزان الأشعار مقاربة جديدة في علم العروض) فيتناول عددًا من المسائل العلمية، ومن أهمها الدراسات في العروض المقارن، ويطرح السؤال: هل العروض من أصل إغريقي؟ ويناقش ما قيل عن تأثر الخليل بالعروض اليوناني، ويفنده، وهو ما سأعود إليه في موضعه من الدراسة، وما يهمني في هذا السياق هو تتبع مصطلح الأقدم عند العرب المحدثين. وقد اعتمد الدكتور أحمد رجائي في دراسته للعروض الإغريقي على كتاب (العروض الإغريقي) لبرونو سنل (Bruno Snell) الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1955م، وقد استعرض الدكتور رجائي تحت عنوان (أهم الجمل والعناصر العروضية الإغريقية) ما يلي: 1 - جملة جَمبُس (Jambos) ويترجمها الفخذ، ويحدد وزنها (لالابلى)، ويرى أن هذا يُذكّرُ - حسب عبارته - بجملة الرجز (مستفعلن) وبديلتها (مفاعلن) ويقول: «وتستند هذه الجملة إلى العنصر الفخذي، وهو المقطع الأهم ووزنه (بلى) ويماثل الوتد عندنا. 2 - جملة ترخايس (Trochaios) وترجمتها عنده المشي، ووزنها (لابلى لا)، ويرى أنه يمكن أن تحل محلها (لابلى ل) ويقول إنها تكرار لعنصر المشي وهو (لال). وسأعود إلى علاقة المشي والخطوة بمصطلح القدم والأرجل والتنويعات عليهما. 3 - جملة دَكْتِلُس (Daktylos) وترجمتها عنده الإصبع، وهي على وزن (لا لم) أو سبب خفيف يليه سبب ثقيل. 4 - جملة أنَباستس (Anapaistos) وترجمتها عنده الركلة ووزنها (لملالملا) ويعلق قائلاً: وتشبه جملتين من ركض الخيل (الخبب) 5 - جملة كريتكُس (Kretikos) ووزنها (لابلى) وحسب عبارته: أي فأعلن وهي عندنا جملة المتدارك. ويلاحظ القارئ أعلاه أن دكتور رجائي جعل أنباستس يشبه جملتين من بحر ركض الخيل أو المسمى أيضًا الخبب، وهنا يجعل جملة كريتكس تقابل فأعلن من (المتدارك)، ولست أدري هل يحسب دكتور رجائي أنهما بحران مختلفان (أعني ركض الخيل والمتدارك)؛ فقد أشار إلى كل منهما على انفراد في رقم (4) ورقم (5) أم أنه يقصد جزءًا من تفعيلة البحر. والمعروف أن بحر (المتدارك) سمي كذلك (ركض الخيل) وسمي كذلك (الخبب). 6 - جملة بَكّايُسْ (Bakkaios) ويرجح أن معناها العثرة ووزنها (بلى لا) أي فعولن ويجعلها مقابلة لفعولن من بحر المتقارب. 7 - جملة ايونِكُس (Ionikos) أي المهرول كما يقول، ووزنها (لملالا). 8 - جملة كورجمبس (Chorjambos) ووزنها (لالملا) ويقول: «أي مفتعلن أو فاعلتن، وتعتمد على الجمع بين عنصري المشي والفخذ أي (لال) و(بلى) وهذه الجملة خاصة بالبحور الغنائية. وهي مستقلة هنا بينما هي عندنا أحد أشكال (مستفعلن) بعد الزحاف (أي مفتعلن) ومع أنه لم يستعمل مباشرة مصطلح (القدم) فيما تقدم إلا أنه قد استعمل أجزاء من الرجل مثل الفخذ، وركز على حركة القدم مثل الركل والعثرة، وهو بعد أن ينتهي من استعراض هذه التسميات يقول: إن «أغلب العناصر والجمل مرتبط اسمًا ومعنى بالمسرح وبكيفية الحركات عليه، كما نلاحظ كثيرًا من أوجه الشبه مع الجمل العروضية العربية، وإن كانت المقاربة في توليد التراكيب مختلفة». - د.فاطمة بنت عبدالله الوهيبي