لم تسعف المناظرة الثانية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب الأخير، ولم تساعده في ردم الفجوة بينه وبين المرشحة الديمقراطية التي استفادت من سقطات ترامب القديمة والحديثة، فالمرشح الجمهوري يسقط بأفعاله وليس بمهارة نظيرته الديمقراطية فقط. المتابعون لمسار المعارك الانتخابية للفوز برئاسة الولاياتالمتحدة يجمعون على أن ترامب يحتاج إلى معجزة للفوز بالانتخابات التي ستُجرى بعد أقل من شهر، إذ لم يواجه مرشح لهذه الانتخابات برفض شمل حتى قادة الحزب الجمهوري الذي يترشح عنه كما واجه ترامب؛ فبالإضافة إلى الرؤساء الأمريكيين من الحزب الذين ما زالوا على قيد الحياة كالرئيس الأسبق جورج بوش الأب وابنه بوش الابن وعائلتهم بمن فيهم ابنهم جاكوب بوش الذي كان ينافس ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري، كل هؤلاء أعلنوا صراحة ومن خلال تصريحات علنية تلفزيونية في لقاءات عامة عن أنهم لن يصوّتوا لترامب، بل بعضهم أعلن دعمه لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون التي حظيت بدعم عدد من رموز الحزب الجمهوري، إضافة إلى كتّاب الافتتاحيات في الصحف الأمريكية الكبرى والأقليات العرقية من السود الأمريكيين واللاتينيين، إضافة إلى الحماس القوي الذي تحظى به من قبل النساء الأمريكيات. آخر انهيار في صفوف الجمهوريين الذين ترشح دونالد ترامب عنهم تمثَّل في إعلان 150 سياسياً بارزاً رفضهم لترامب، مما جعل قيادات الحزب يطلبون من المحامين الذين يتعاملون مع الحزب البحث عن وسيلة للتخلص منه قبل موعد إجراء الانتخابات وإحلال آخر بديلاً عنه، ورغم صعوبة هذا الإجراء إلا إذا توفي ترامب أو أعلن هو نفسه تخليه عن الترشيح، وبما أنه أعلن إصراره على المضي في خوض معركة الانتخابات فإن الجمهوريين باتوا شبه متأكدين أن مرشحهم في طريقه إلى السقوط مما دفع الكثير منهم، وبالذات المرشحون لمقاعد الكونغرس من مجلس الشيوخ والنواب إلى النأي عنه، وأبرز هؤلاء جون ماكين وميت روني المرشحان السابقان إلى البيت الأبيض وأرنولد شور زنيفر الحاكم السابق لولاية كاليفورنيا ووزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس ورئيس مجلس النواب زعيم الأغلبية الجمهورية بول راين، وقد تعدى الابتعاد عن ترامب حتى إلى الشخص الذي اختاره نائباً للرئيس على قائمته الانتخابية مايك ينس الذي بدأ في اتخاذ مساحة متباعدة عنه، وقد زاد من ابتعاد السياسيين ورموز الحزب الجمهوري عن مرشحهم هفواته وسقطاته السابقة والحاضرة، فمن تهرّب عن تسديد الضرائب إلى إساءاته المتكررة للنساء والتي كشف عنها شريط فيديو صوَّرته قناة (ان بي سي) قبل 11 عاماً دون علمه يتباهى فيه بالأسلوب الذي يلجأ إليه للتحرّش بالنساء. سقطات ترامب وتباعد رموز الحزب الجمهوري أضعفت حظوظه في الوصول إلى البيت الأبيض، إذ يؤكِّد خبراء انتخابات الرئاسة الأمريكية أنه يحتاج إلى معجزة لتحقيق حلمه بالوصول إلى رئاسة الولاياتالمتحدة في عصر غابت عنه المعجزات.