قبل أقل من أربعين يوما لانتهاء ولايته، وكما هو متوقع، استخدم - الرئيس الأمريكي - باراك أوباما حق النقض «الفيتو» ضد قرار الكونغرس، تمرير قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا» رقم 2040، وهو الذي كان مجلس الشيوخ قد وافق عليه بالإجماع في مايو / أيار - الماضي -، قبل إحالته إلى مجلس النواب، وذلك في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة، والمرتبطة بمبدأ السيادة، والتي تمثل ركناً أساساً في العلاقات الدولية. من تبعات قانون «جاستا» تمهيده بخلق تداعيات في علاقات الولاياتالمتحدةالأمريكية مع أقرب الشركاء، وأقصد : دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تصنف في خط المواجهة مع الصديق، والحليف الأمريكي؛ كونها ترتبط معه بتعاقدات، ومصالح استراتيجية متجددة باستمرار؛ فصدور مثل هذا القانون بشكل نهائي سوف يزيد من التوتر، ويدفع العلاقات نحو مصير مجهول بين أمريكا، ومنظومة دول الخليج العربي باعتبارها سابقة في تاريخ السياسة الأمريكية، - لا سيما - أنه يتعارض مع مبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول وفقاً للقانون الدولي، وميثاق الأممالمتحدة. من النادر جدا أن يلجأ الكونجرس إلى تجاوز فيتو رئاسي كفله له الدستور، وذلك من خلال إبطال كل من مجلسي - الشيوخ والنواب - الفيتو الرئاسي، في تصويت بموافقة أغلبية الثلثين؛ لأنها ستكون حماقة سياسية، لا يمكن في الوقت الحالي تحديد أبعادها، وآثارها السلبية؛ ولأنها ستمثل خروجاً عن المألوف، والمستقر في العلاقات الدولية، والقانون الدولي الذي يمنح الدول، والحكومات، ومسؤوليها حصانةً سياديةً، تمنع من مقاضاتهم خارج بلدانهم، إلا إذا تورّطوا في جرائم حرب؛ ولأنها أي : قانون جاستا خالية تماما من إرفاق الدراسة بالمعطيات، بل إن لجنة التحقيق في الأحداث لم تجد دليلا على دعم سعودي للإرهابيين، سواء على المستوى المؤسسي، أو مستوى كبار المسؤولين. أنقذ الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي العلاقات التاريخية بين قوتين عظميين في العالمين - العربي والغربي -، باعتبار أن كليهما لن يكون غنيا عن الطرف الآخر؛ فالعلاقات بينهما هي في الأساس علاقة مصالح مهما أخذت من تسميات، ومهما أخذت من مصطلحات، وتقسيمات، إذ لا تزال العوامل التي توحد بين واشنطن، والرياض أكثر من تلك التي تفرق بينهما، كالمصالح الجيوسياسية، والاقتصادية المشتركة، والتي ستكون كافية للحفاظ على العلاقة، على الرغم من الخلافات في بعض الملفات المهمة في منطقة الشرق الأوسط. سيسقط قانون جاستا؛ لأن مشرعي الكونغرس من الحزبين لم يستمعوا إلى التحذيرات التي وردتهم من الإدارة الحالية، ومن كبار المسؤولين السابقين من الإدارات السابقة من مغبة إقرار هكذا قانون؛ لابتعاده عن القيم التقليدية للكونجرس الأمريكي في صياغة القوانين؛ ولأنه سيهدد استقرار النظام الدولي، وسيُلقي بظلال الشكوك على التعاملات الدولية، - إضافة - إلى ما قد يُحدثه من أضرار اقتصادية عالمية.