بعد كثير من المحاولات الجادة لاستعادة حدسي أدرك إحساسي اللامحدود بالكائنات من حولي، وبما أراه وبما يتراءَ لي أنني أتمتع بقدرات لا شعورية متمرنة على المغامرة والجرأة.. وهذا الهدوء الذي أعيشه الآن.. هو بمثابة قبضة مهادنة على الاستجابة المتحفزة لأن تكون تجربة مهما يكن، فالتزامها معي يشجعني على التماسك والمجازفة والبوح في آن. أطمئن إلى ذاتي فهي مختبر تجاربي الصبور عشي الذي أحتفي معه وفيه بطفولتي ..ومراهقتي وكهولتي أيضا. في ذ اكرتي ينبسط هذا المد الشاعري. وهناك مد شبيه به حد الذهول، لايتناهى فيّ. لا أدري بماذا سيفاجئني حدسي المتوارث بالشعر والحزن والكآبة والخوف والجنون، و إلى ماذا سأصير دون هذه الفوضى اللاشعورية في الوجود والعدم ؟. إنها أسئلة تتراءى لي وتستمر فيّ وكأنها جزء لايتجزأ من قدري الذي أسهم في إجراء بعض التعديلات عليه بين الحين والآخر. لا أدري بالتحديد.. ما سيحصل لي؟!. ما الذي لن يحدث؟ ولماذا ؟ وكيف .ومتى سيكون ما لم يكن؟ . أمنيات متشابكة متشابهة مقدسة مشؤومة متضاربة حد اللوثة بهذا الحاضر وبالمستقبل وتداخلاته . لا أعلم بعد.. كيف انهزمت إرادتي !؟.ومن ذا الذي تجرأ على أن يهزمها؟. وبأي الوسائل هزمها؟، وفي أي الظروف والعوامل تمكن من ذلك !؟. ما الذي أدى بها أن تجري مجرى ليس منها، ولم يكن معها في شيء !؟.. يبدوأن هناك غيمة في الأفق وفي الأعماق رمادية الملامح. أقرر معها أن أطير إلى سماء أخرى أرحب من سمائي الوحيدة. أمام التقوقع في محارة ذكراك الطيبة لم أزل أعجز عن طي صفحاتك المشرقة في أبد روحي.. مثل شمس الضحى في شتاء الرياض لذتها.. لا أقاومها فتحكم قيدها علي باستمرار لتتحطم معها قيود الفصول والأوقات ولا تفوقها أية ذكريات. كلانا نخبئ ذاتاً.. وتغمرنا ثقة تشكلت بيننا وأضحت أشبه بسور حصين.. يحرس قلبينا ولا يحبسهما فهما لا يطيقان حبسهما.. مثل بحر تتجدد أمواجه كلما انبسطنا.. فلا ترضيها صورتها الوحيدة.. الأمواج تزداد شبابا بالرغوة ذاتها والزبد فلا يقف به حد. إلى متى لا تتفانى الروح في إهدائنا ميلاداً جديداً فضاؤه يتسع بيدينا فحسب. أنت الفضاء.. القمر على شاطئ البحر.. بدر لا يغيب نضيؤُه معا.. ليته لنا نهارنا الأبدي.. روح بيننا لا تنطفئ. الآن أغادر ذكرياتي. ولاتشاء أن ترحل عني. بدوت عصفورة لا يتوقف فرحها بأجنحتها. لكأنني أكتشف طيراني للتو. كم أحس بخفتي. أعود إلى مكاني.. لأطير. إلا أن روحي التي رست.. نورس لا يطير، لم أزل أسأل نفسي: كيف لهذه المشاعر أن تتقد حتى هذا الحد وربما تجاوزته فأحرقت أخضري ويابسي دونما تحرز.. وكأنها لا تبال بزهرنا ذاك الذي سقيناه.. وكان يفوح بأزكى العواطف التي لن تتكرر بعد ذلك لأنها عواطف فريدة من نوعها بكل مافيها. سأرقص في هيبة البدر والبحر. أزرقان يوزعان أنواءهما. وينشران نسائمهما الطيبة.. فتشيرالحياة الزرقاء بمدها وجزرها إلينا لنتقاسم زرقة.. معها لا تغرقنا سفينة تعبر أو طائر يسافر. إلى مدى لا يتكاثر فيه الغيم والمطر دون حكاية جديدة تغوص في أشواقه الجديدة.