لو أنّك قطعة بلّور أتأملها للمرة الأخيرة، ثم أرفعها إلى الأعلى، وألقي بها بكلِّ ما أُوتيتُ من قوة على الأرض، وأنا أصرخ: أخرج من ذاكرتي وقلبي. لو أنَّك حائط ارتطم به، لأفيق. أو قمة جبل أتدحرج منها؛ فأفقد ذاكرتي. لو أنّك لم تكن المحرّك لكلِّ هذا الجّنون؛ لما كانت رغبتي في التّخلّص من ظلّك بهذه القسوة. أنا أضعف من أنْ أدير حياتين: طموحات تسرق منِّي استقراري، وقلبٌ لا يريد منِّي إلا أن استقر. لا أريدُ حياة معقّدة، مهددة بالإخفاقات. لا أريدُ أنْ أكونَ امرأة ضمن عدة تفاصيل مُهمّشة. امرأة متواطئة معك في كلّ شيء؛ تحترق لأجلك، وتنسى وجودها. لا أريد أن أكون تلك المعشوقة البلهاء التي أزهقت روحها بيدها فداء للحبّ، فاختار لها حبيبها قبرًا مهجورًا ظلّ يزوره ويسقي تربته حتى مات عليه ودفنوه معها، وقرأوا على غَيْرته السلام، وضربوا بها الأمثال. لا أريد تلك النّهايات الأسطوريّة، التي تُحكى ضمن حكايات التاريخ الخالدة. لا يهمني ما سَيُتلى بعد موتي من الخُرافات. أريدُ مساحةً بيضاء لي في داخلك.. هل هذا كثير؟! أُريدك أنُ تُغلّفها بابتسامة شوق كُلّما افتقدتني، فأفهمها. مساحة أزورها كُلّما ذهبتْ بي أحلامي إلى مناطق وعِرة، أحتاج فيها إلى أمانك. أريدُ يدًا تشدني إليها في يوم الريح العاصف؛ يدًا أغمض عيني، وأنا مُمْسكة بها، أشعر بقوتها تسْري في أوصالي. أريدُ أن أقرأ ملامح صمتك دون أن أخاف مِمّا وراء هذا الصّمت. أن أرى ملامحك الهادئة كُلّما رفعت رأسي من تعب الحياة؛ فتهدأ روحي. أن تبتسم، وتختم ابتسامتك لي بهزة رأس تغمض معها عينيك؛ أن استمري؛ لأشعر بأنّك غرفتَ لي من ذلك الشّعور العميق الذي أصير معه وبه قويّة بعد الله. أن استمعَ إلى نبرة صوتك التي تهديني السّلام في غربتي ،كُلّما احتجتُ أن استمد القوة منك. أن تصمت طويلاً ثم تهمس: أنا معك!.. لا تخشي شيئًا؛ فأنتفش كطفل يسير مزهوًا بنظرات أمّه إليه، وهو ذاهب إلى منصة توزيع الهدايا. (2) مغلق للراحة هكذا حزمتْ نفسي أمتعة الاهتمامات الصغيرة، التي كادت أن تودي بها، فكيف بالهموم التي تنوي أن تُضاف لها؟ عذرًا لكل التّفاصيل التي لم تعد تعني لي عذرًا يا قلقي الصغير، فتخلصي منك نجاة كبيرة عذرا فأنا مشغولة بالراحة عن صخب يؤذيني.. يستهلكني؛ ليُلمع غيري، ويفوز به (3) أعترفُ بأنَّني من الآن ،أخشى مقابلة تلك المرأة التي تنتظرني على أعتاب السبعين - إذا مدّ الله في عمري- تلك التي تتأمل الحياة بصمت عميق, وتُعيد وزن الأمور بعقل راجح, سقته التجارب, وأشبعته الأيّام ما فكرتها عنِّي الآن؟ هل سترى في مايدهشها؟ هل ستفخربي؟ أم أنها ستكثر اللوم علي بلو أنك فعلتَ كذا وكذا لكان كذا وكذا؟ فكرة مثيرة تستحق أن أكثرث لها؛ كي أكون كما أريد أن أكون. (4) أقوال جعلت منها مبادئ أعتز بها رغم أنف (المعقدين): « أروع الإنجازات أن تلغي الخط الفاصل بين اللعب والعمل» (آرنولدتوينبي) على مكتبي أمارس هذا المزج الفاخر في هالة من الجنون المضحك، ففي وسط الفكرة العظيمة التي يرهقني التركيز بها قد أفتح أبواب الصخب لأجدد هدوئي. «العالم ليس إلا صفحة بيضاء لرسم الخيال» (هنري ديفيد) كلما تولدت الأفكار، وتشتت ذهني، مع تناسلها؛ أغمضت عيني ورسمت عالمي الخاص «»حس الدعابة المرتب جيّدا هو العصا التي تحقق التوازن في خطواتك أثناء سيرك على حبل الحياة الرفيع» (وليام إيه وارد) الحياة الجادة تجعلني أبدو هرمة، تتثاقل خطوها الحياة تطول عندها قائمة الانتقادات, وتحل عين السخط عندها مكان عين الرضا بصورة مُنفّرة. توقظ مكامن الحزن، فلا أملك إلا أن ألوح لكل تلك المشاعر الدخيلة بعصا الدعابة حتى لا تسترسل في غيها «التعثر قد يمنع السقوط» توماس فولر) ) هذه الجملة صديقتي بالمناسبة! وهي من أكثر الجمل التي تربي فيّ شجاعة الإقدام في زمن الإحجام ممن حولي. أربّتُ بها على روحي كلّما تعثرت. - د. زكيّة بنت محمّد العتيبي [email protected]