مشروع الاتفاق الأخير أو ما أُطلق عليه بخارطة الطريق التي قدمها ولد الشيخ للأطراف اليمنية مؤخراً، بعد أن كادت مشاورات الكويت أن تنهار، نتيجة توقيع طرفي الانقلاب في اليمن على إنشاء المجلس السياسي الأعلى، وقبل أيام من انقضاء فترة المشاورات في محاولة منه لإنقاذ الموقف والخروج بما يحفظ للجميع ماء الوجه أمام الشعب اليمني الذي ظل طوال ثلاثة أشهر، وهو يتطلع بأمل لما ستسفر عنه المشاورات من حلول جذرية للأزمة اليمنية، تنهي الصراع ومعاناة الناس وتعيد الحياة إلى طبيعتها ، هي بنظري ونظر الكثير من المتابعين طوق النجاة الأخير لطرفي الانقلاب وللشعب اليمني، كونها ستمثل مفتاح الولوج إلى المستقبل بصفحة جديدة ، غير أن تعنت الانقلابيين وإصرارهم على إفشال كل جهود ومساعي السلام سيفوت عليهم هذه الفرصة التي تعتبر الأخيرة ، لأن ما بعدها لن يكون سوى الحسم العسكري . الحكومة الشرعية وبتفويض من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وقعت على مشروع هذا الاتفاق وغادرت الكويت، وتركت الكرة في ملعب الانقلابيين كي تخلي مسئوليتها أمام الشعب وأمام المجتمع الدولي، مما قد يترتب نتيجة رفض الانقلابيين التوقيع عليه ، وتفويتهم للفرصة الأخيرة المتاحة للحل السياسي ، وهو ما يعد أيضاً تأكيداً من الحكومة الشرعية، على أنها لا تحبذ الخيار العسكري لإنهاء الانقلاب واستعادة صنعاء وبقية مدن اليمن، لإعادة السلطة الشرعية المسلوبة لكل اجزاء ومكونات الدولة ، لإدراكها بأن تكلفة الحرب ودخول صنعاء عسكرياً ستكون باهظة الثمن على الوطن والشعب معاً ، لكن مع تعنت الانقلابيين وإصرارهم العجيب وغير المنطقي على إفشال كل المساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى إيجاد حل عادل وشامل لليمن، سيفرض هذا الخيار وستضطر الشرعية ومعها التحالف العربي لبدء مرحلة العمل الميداني بالحسم العسكري، باعتباره الخيار الوحيد المتبقي لإنهاء الانقلاب وإنهاء معاناة الشعب اليمني الصابر. لقد أثبتت الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، أنهم مع أي حلول سياسية تستند إلى المرجعيات المحددة وعلى رأسها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216 ، كونها ترغب في التوصل إلى حل شامل للأزمة اليمنية، وتمضي من خلاله باليمن إلى آفاق المستقبل المنشود وبما يحقق آمال وتطلعات اليمنيين . لقد قدمت الكويت أنموذجاً رائعاً باستضافتها للمشاورات اليمنية طيلة الأشهر الماضية، والتزمت الصبر والحكمة في التعاطي مع تصرفات وممارسات طرفي الانقلاب ، مؤكدة من خلال ذلك أن دول الخليج كمنظومة عمل مشتركة تحمل رسالة واحدة وتسعى جميعها لما فيه خير اليمن والشعب اليمني ، وقد كان لكل بلد منها دور لا يستهان به في الوقوف إلى جانب اليمن في هذه المحنة العصيبة . ها هي الحلول السياسية للأزمة اليمنية تصل إلى طريق مسدود، وتصطدم بتعنت وإصرار الانقلابيين على إفشال أية حلول سياسية ، وبالتالي أصبح الخيار العسكري هو الحل رغم مرارته لإنهاء التمرد والانقلاب، ولاستعادة الدولة اليمنية وإنهاء معاناة الشعب اليمني، خاصة بعد أن أضاع الانقلابيون الفرصة الأخيرة من أيديهم والتي منحوا إياها من قِبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، والمتمثلة بخارطة الطريق الأخيرة لحل الأزمة اليمنية. - بشير عبدالله