في أثناء استعراض سمو ولي ولي العهد للرؤية السعودية2030م، طرحت على سموه سؤالا حول ضرورة وجود مراكز للأبحاث، والدراسات الاستراتيجية، وكانت اجابة سمو ولي ولي العهد ضافية وشافية عندما أكد بأنه وضمن الرؤية سيكون هناك العديد من مراكز الابحاث والدراسات، ففي امريكا هناك 123 مركزا، وفي اسرائيل 12 مركز للدراسات، وفي ايران 18 مراكزا للدراسات وفي مصر 23 مركزا للدراسات، وفي تركيا 32 مركزا للدراسات، بعضها تعد مراكز رئيسة، ورسمية وبعضها يعبر عن القطاع الخاص، ويعمل بالتعاون مع الحكومات. هذه المراكز تسهم في قراءة المستقبل، واستشرافه لحقبة مائة سنة قادمة، حيث يتسم العمل في هذه المراكز بالتخصصية والخبرة، ومعرفة دقيقة بالشؤون العالمية والاقليمية، وبالتحديات الماثلة والمتوقعة، وبالفرص المنظورة، ويتم وضع الخطط المرحلية في اطار الخطة الشاملة، بما يساعد على تحقيق متطلبات الدولة، والمجتمع وفقا للحاجات المستقبلية، بحيث يكون هذا التخطيط شاملا للموارد المالية، والاقتصادية والإدارية، والامنية والسياسية، وبما يلبي احتياجات الاقتصاد الجديد، في ظل رؤية واضحة المعالم، والاهداف يطمح الوصول اليها صناع القرار للأعوام القادمة. فحياتنا اليوم تحتاج الى ان يكون لدينا مراكز دراسات، وأبحاث تخطط للمستقبل، بجانب الرؤية السعودية 2030م، والتحول الاقتصادي 2020م، وذلك لخلق بيئة ادارية واقتصادية، واستراتيجية جيدة تدعم الوطن والمواطن، فلم يعد هناك مجال للأخطاء، حيث ان التخطيط، والبحث العلمي المدروس، هو وسيلة جيدة لوضع خارطة طريق لكل هدف نصبو اليه في المستقبل، والاعوام القادمة، خاصة في بناء المشاريع التنموية، والاقتصادية والاستثمارية، والسعي الى تحقيق الرؤية السعودية 2030م. ان تأسيس مركز للدراسات والأبحاث بجانب الجامعات السعودية، وتكون أهدافه وخططه البحثية ودراساته التنموية، والاقتصادية لها الأثر الكبير على السلوك الاقتصادي للمواطن والمجتمع والوطن من خلال تفعيل العلاقة بين الجامعة والمجتمع، والمؤسسات البحثية والعلمية، والابتعاد عن ثقافة الاستهلاك، وتشجيع ثقافة الادخار، لدعم الدورة الاقتصادية للتخطيط للمستقبل وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة للمملكة. ونتطلع الى أن يكون المركز متميزا في ادائه، راقيا في دراساته، ومتفوقا على المستويين المحلى والدولي في إعداد وتدريب الخبرات، والكفاءات السعودية المتخصصة من أبناء الوطن، وإعدادهم ككوادر وطنية شبابية متحمسة ذات تعليم وتدريب عال، لتحليل مختلف القضايا التي تمس المواطن، والمجتمع والوطن، والنظر في التحديات والمشكلات الامنية والسياسية، والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية، والأزمات والحروب الني تواجه يلادنا السعودية. ويفترض اعداد البحوث والدراسات للنظر في التوظيف الأمثل للموارد البشرية، والكفاءات الإدارية وزيادة الاستثمار في العنصر الوطني، كما حث عليه الملك سلمان - حفظه الله - في تأهيل المواطن السعودي وتدريبه، وأيضا يجب تطوير منظومة التشريعات الاقتصادية والرقابية والحوكمة والشفافية لأن ثقافة الاستهلاك هي آمر يحتاجه المواطن والمسؤول، وهذا يتطلب ترشيدا في الاستهلاك قبل أن نصدم بمتطلبات المستقبل، وخاصة في زيادة عدد السكان، والبطالة وارتفاع الأسعار ومخاطر الاقتراض غير الإنتاجي. ويجب وضع البحوث والدراسات للدورات الاقتصادية القادمة، وتحريك الإدارات وهذا بالطبع سيسهم في وضع حلول كثيرة لكافة القضايا. كما أن التفكير في المستقبل ليس مهمة الدولة فقط، بل أيضا مهمة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات العامة والخاصة، والخبراء والمستشارين، وصناع الرأي مما يدفع إلى تعزيز المشاركة الجادة من القطاع الخاص، ورجال المال والاعمال والخبراء والمستشارين في عمل البحوث والدراسات، والتخطيط الاقتصادي والاستراتيجي للمستقبل، والتوظيف الأمثل للموارد المالية والاقتصادية، والاستعانة بالكفاءات الإدارية الوطنية المؤهلة والمدربة. لقد آن الأوان لتأسيس مراكز سعودية متخصصة للأبحاث والدراسات الاقتصادية المستقبلية، من أجل الوقوف على معوقات النمو الاقتصادي الوطني، والعمل على تذليلها، والاستفادة من التجارب المحلية والعالمية، ودعم البرامج التي تعطي أفضل التوقعات المستقبلية، وإيجاد الحلول المساعدة في اتخاذ القرار الاقتصادي السليم، ودعم الطموحات التنموية لضمان الأمن الاقتصادي والسياسي للمملكة. ونحن هنا نطالب بإنشاء (المركز السعودي للدراسات والابحاث الاستراتيجية) لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية، بحيث يضم المركز الكفاءات الوطنية المدربة والمؤهلة، والخبراء، والاقتصاديين السعوديين ومن نرغب من المستشارين الاجانب المفيدين للوطن، وذلك من اجل الاشراف على التخطيط الاستراتيجي، والاقتصادي والتقني، ورسم خطوط المستقبل المعرفي، والاقتصادي لبلادنا والوصول الى الرؤية السعودية المطلوبة، وتحقيق الاهداف الاستراتيجية للتحول الاقتصادي 2020م، ورؤية السعودية2030م.