وهكذا تمضي السنوات بنا، ومعها تسير قوافل الراحلين إلى الحياة الآخرة، وتتركنا فواجع الدهر نعيش الأحزان على من طواهم البعد عنّا، رحم الله الشيخ حسين بن سعيد بن مشيط شيخ شمل قبائل شهران السابق رحمة الأبرار، الذي فاجأني نبأ موته وأنا خارج الوطن حين وافته المنية في اليوم الواحد والعشرين من شهر رمضان لهذا العام 1437ه ولكنه الموت الذي قيل عنه «حكم المنية في البرية جار.. ما هذه الدنيا بدار قرار» فقد كان رحيله مؤلماً على محبيه، وثقيلاً على كلِّ من عرفه لدماثة أخلاقه وتواضعه، وقربه من الناس، وبما عُرف عنه فيما قدَّم من خدمات جليلة لمجتمعه ووطنه وقيادته، وقد رأيته لأول مرة في مجلس والدي، والشيخ حسين هو أحد أبناء «الأمير» سعيد بن عبدالعزيز بن مشيط - رحمه الله - الذين بلغوا الاثني عشر ابنا، أحد رجالات الملك عبدالعزيز والمقربين منه، والذي كان يحظى بثقة ومكانة خاصة لديه، نظراً لمواقفه الوطنية إبّان توحيد شمل المملكة العربية السعودية وجمع شتاتها، وكان «الأمير سعيد» يتولى في حياته مشيخة قبيلة شهران بعيد وفاة والده الشيخ عبدالعزيز بن مشيط، إلى جانب قيامه بحماية سوق «الخميس» أما عن الراحل الشيخ حسين بن سعيد بن مشيط وله أخ يحمل نفس الاسم «حسين» توفي مبكراً، فقد كان يتمتع بالحكمة والصبر والقدرة على طرح الحلول لكثير من القضايا الاجتماعية وإنهاء الخلافات، وفض النزاعات والقيام بدور كبير في الإصلاح والدعوة للتسامح بين أبناء مجتمعه في المنطقة، إلى جانب ما كان يتحلى به من الكرم وحب الخير، ولا غرو في ذلك، فقد ورث الكثير من المناقب عن والده، لقد كان حتى رحيله ملازماً لشقيقه الشيخ عبدالعزيز بن سعيد بن مشيط محافظ محافظة خميس مشيط السابق، فكان خير السند له بعد الله؛ ومن ذلك فقد عمل وكيلاً له فترة من الزمن في إمارة خميس مشيط منذ تأسيسها في عام 1381ه، حتى تفرغ لمساعدة والده بعد أن كبر سنه وظلَّ ملازماً له حتى وافاه الأجل في عام 1393 ه، كما أنه تولى - الشيخ حسين - مشيخة شمل قبائل شهران في عام 1409ه بعد أن تنازل عنها شقيقه الأكبر الشيخ «علي بن سعيد بن مشيط رحمه الله» نظراً لكبر سنه ففضل إسنادها لأخيه، لكنه ظلَّ يقدم له المشورة والنصح حتى توفي في 21 - 9 -1427ه وهو نفس التاريخ الذي رحل فيه عن دنيانا «الشيخ حسين» ولكنه سبقه إلى ربه بعشر سنوات، رحم الله «أبا مساعد» فقد سلك الدرب الذي كلنا موعودون بأننسلكه، وهنيئاً لمن يرحل، وذكره عاطر بين الناس بفعل حسن، وسيرة ماجدة في خدمة دينه وبلاده ومجتمعه.