تتمتع فرنسا والمملكة العربية السعودية بشراكة استراتيجية طويلة. افتتحت فرنسا قنصليتها الأولى في جدة عام 1839 منذ أن التقى جلالة الملك فيصل الجنرال ديغول عام 1967، وتطورت علاقاتنا الثنائية من خلال الاتصالات الشخصية على أعلى المستويات. ما زال هذا التقليد قويًّا. لقد قام فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية، السيد فرنسوا هولاند، بأربع زيارات إلى المملكة منذ انتخابه عام 2012. كانت الزيارة الأخيرة التي قام بها في شهر مايو/ أيار 2015، وكانت زيارة تاريخية؛ إذ التقى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. حل الرئيس هولاند آنذاك ضيف شرف على قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. لقد عززت هذه الزيارة الشراكة الاستراتيجية التي تربط فرنسا بالمملكة، وبدول مجلس التعاون. إن العلاقة بين باريسوالرياض قائمة على الصداقة والثقة والمصالح المشتركة. لقد كانت دائمًا العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية علاقات قوية ووثيقة ووفية؛ ما أعطاها زخمًا قويًّا خلال السنوات الأخيرة. زاد بلدانا وتيرة الزيارات المتبادلة. خلال شهر مارس/ آذار الماضي قام صاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الداخلية بزيارة إلى فرنسا، ومنحه وقتها فخامة رئيس الجمهورية وسام جوقة الشرف الوطنية، وهو أسمى وسام وطني. منذ أسبوعين، بتاريخ 27 و28 يونيو/ حزيران، تشرَّفت فرنسا باستضافة صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز من أجل تطوير العلاقات الثنائية في إطار رؤية المملكة 2030. وبمناسبة هاتين الزيارتين من المستوى الرفيع التقى ولي العهد وولي ولي العهد فخامة رئيس الجمهورية السيد فرانسوا هولاند، ورئيس الوزراء السيد مانويل فالس، ووزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية السيد جان-مارك آيرولت، ووزير الدفاع السيد جان-إيف لودريان. ولقد لوحظ في تلك المناسبات توافق المناهج والرؤى حول الوضع في الشرق الأوسط (سوريا واليمن وإيران والعراق وعملية السلام). إضافة إلى ذلك، عزز أعضاء البرلمان الفرنسي وأعضاء مجلس الشورى علاقاتهم من خلال الزيارات العديدة إلى الرياض وإلى باريس في إطار مجموعات الصداقة بين فرنسا ودول الخليج. تعكس هذه اللقاءات المستوى الرفيع لعلاقاتنا الثنائية الخاصة، التي من شأنها أن تشجِّع مصالحنا الاستراتيجية المشتركة لمنفعة الشعبين الفرنسي والسعودي. لقد عزز فخامة رئيس الجمهورية السيد فرنسوا هولاند ومقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الشراكة الاستراتيجية الفرنسية-السعودية الشاملة: في شهر مايو/ أيار 2015 اعتمد فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية ومقام خادم الحرمين الشريفين خطة عمل طموحة من أجل تعزيز علاقاتنا من خلال نهج ذي منفعة متبادلة. منذ ذلك الوقت عقدت فرنسا والمملكة اجتماعين للجنة المشتركة الفرنسية - السعودية، ترأسهما صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومعالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية السيد جان-مارك آيرولت. أما الاجتماع الثالث لهذه اللجنة فسيركز على عزمنا المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية، وعلى تعميق علاقاتنا الثنائية الخاصة، من خلال تحسين علاقاتنا التجارية، وتحديد آفاق تعاون جديدة في إطار خطة التحول الوطني التي اعتمدتها المملكة من أجل تطبيق الرؤية 2030. في هذه المناسبة لقد أثنى فخامة رئيس الجمهورية على خطة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدتها المملكة، وأكد عزم الحكومة الفرنسية والمستثمرين من القطاع الخاص على مواكبة السعوديين في تطبيقها. إن اللجنة المشتركة الأخيرة التي انعقدت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول في الرياض، بالتزامن مع منتدى الأعمال التاريخي الثاني، تميزت بحضور معالي رئيس الوزراء الفرنسي السيد مانويل فالس، الذي ترأس وفدًا يضم أكثر من 100 شخصية رسمية. علاوة على ذلك، حضر هذا الحدث الاقتصادي الرئيسي أكثر من 2000 مشارك، و130 شركة فرنسية. ويعتبر هذا المنتدى من أكبر منتديات الأعمال التي التأمت في الرياض. إضافة إلى ذلك، لقد نظمت سفارة فرنسا في الرياض عددًا من اللقاءات الاقتصادية بين كبرى الشركات الفرنسية ولاعبين اقتصاديين سعوديين رئيسيين؛ من أجل الترويج لاستثمارات سعودية في فرنسا، ومن أجل تشجيع رجال الأعمال الفرنسيين على الاستثمار في المملكة. إن فرنسا مقتنعة بأنه يتعين على المهارات الفرنسية رفيعة المستوى المشاركة في المرحلة الجديدة التي سيتم تنفيذها وفق خطة التحول الوطنية 2020. عقدت فرنسا والمملكة العربية السعودية شراكة تميز شاملة قوية في قطاعات عديدة ذات مصلحة مشتركة، كالدفاع والطاقة والصحة والزراعة والنقل والبنى التحتية والثقافة والتعليم والرياض والعلوم والتقنية والإعلام والبيئة والماء والسكن والسياحة والتراث. تحتل فرنسا المرتبة الثالثة من ضمن كبار المستثمرين في المملكة؛ إذ تقدر استثماراتها المباشرة بنحو 15.3 مليار دولار. هناك أكثر من 80 شركة تعمل من خلال فروع لها في المملكة، وغالبية المجموعات الكبرى في المؤشر «كاك 40» ممثلة في المملكة، وتوظف نحو 27600 شخص، منهم 10 آلاف سعودي، أي معدل سعودة يبلغ 36 في المائة، وأعلى بكثير من المستوى العام في الاقتصاد السعودي (16 في المائة). هناك نحو 24 شركة سعودية في فرنسا توظف 3200 شخص مباشرة (غالبيتها من خلال شراء كيانات)، وحجم أعمالها المشترك يبلغ زهاء 350 مليون يورو.