إن المتتبع لمسيرة الدراما السعودية في السنوات الأخيرة يدرك تماماً الفجوة التي ساهمت في ضعف مضامين هذه الدراما والتي تثبت للمشاهد العربي سنة بعد أخرى مدى فجاجتها بالنهج التهريجي والعشوائي الذي تتضمنه وتقوم عليه, واستخفاف عقلية الجمهور, ذلك أن المشاهد السعودي أصبح مشاهداً ذكياً وواعياً بما يقدّم له من كوميديا أو تراجيديا بفعل انفتاحه على آفاق أخرى. فالدراما السعودية رغم خصوصيتها أصبحت لا تواكب ولو جزءاً يسيراً مما تقدّمه الدراما العربية مما يعني أنها تحتاج إلى إعادة صياغة للأفكار التي يتم تناولها وبالتالي الرجوع إلى الدراما السعودية الحقيقية التي يحمل جمالها الرواد الحقيقيون في التمثيل والمسرح. تحتاج الدراما السعودية - وبما لا يدع مجالاً للشك إلى تغذية تساهم في نهضتها وقولبة كل الأفكار المستمدة من ذاكرة الإنترنت والصحف والمقالات المتناثرة وهي بطبيعة الحال أفكار لا جديد فيها, إلى أفكار مستمدة من كتابة تنويرية تستوعب مفاهيمها من البيئة المحلية بكل طقوسها وتقاليدها وتأزماتها, فالدراما فعل مؤثّر لنقل الموروث الحقيقي إلى بيئات أخرى يحمل قيمة ثقافية واجتماعية حتى تصبح هذه الدراما مصدر ثروة للوطن. معظم الأفكار التي يتم تناولها هي أفكار هشة ولكنها ليست السبب الوحيد الذي كرّس ضعف الدراما السعودية فهناك أسباب أخرى مسؤولة عن تدهورها، بل إن عدم إيجاد أرضية ممهدة للارتقاء بفن الدراما هو سبب آخر أيضاً يتمثّل ذلك في عدم افتتاح معاهد فنية في التمثيل والإخراج, أو أكاديميات تخرِّج ممثلين محترفين يقدرون الدراما باعتبارها فناً يرصد تاريخ دول وحضارات وشعوب. كما أن وزارة الثقافة والإعلام لها دور في ذلك يتمثّل في مونتاج بعض المسلسلات عبر قنواتها التي أصبحت مثالاً للتندر, أضف إلى ذلك إلى الممثل الذي لا يزال يؤدي أدواراً هابطة لأنه دخل عالماً غير عالمه وبالتالي تورط به وتورطنا بمشاهدته. لا يمكن أن ننحاز إلى الدراما السعودية على حساب دراما أخرى إلا إذا تفوّقت عليها تمثيلاً وفكرةً وإخراجاً, ولو أخذنا جولة قصيرة في خارطة الدراما الخليجية والعربية سنلاحظ - حتما - أن الدراما السعودية تقبع في المركز الأخير إلا ماندر من مسلسلات, وهذا ناتج - بالطبع - من تلك الأسباب التي ذكرتها سابقا, وأعلم جيداً أن القائمين على الدراما السعودية لا يعنيهم النقد الذي يتم طرحه كل عام وهو نقد بناء في غالبيته وهذا الأمر يعود إلى الفوقية التي تكونت من لا شيء لدى بعض المخرجين والممثلين وإلا بم نفسر خطيئة هذه الدراما كل عام دون أن تتطور وتتفوّق على العام الذي قبله؟! أصبحت الدراما السعودية هاجس كثير من المهتمين الذين يراودهم حلم التفوّق وحصد الجوائز فإلى متى تظل تحوم في الظل رغم امتلاكها ذاكرة ثقافية وفنية باستطاعتها أن توظف هذه الذاكرة في حلقات قادرة على مواكبة التطور الذي تشهده الدراما الجارة أو في الوطن العربي. فالدراما حياة حسب قول المخرج الإنجليزي ألفريد هتشكوك: «الدراما هي الحياة بعد إزالة الأحداث المملة».