هو أصعب المراحل التي قد يمر بها السجين، لأن (فقدان الأمل) أقسى من العقوبة ذاتها، بل إن فاقد الأمل خارج السجن يتشابه مع السجين في تجربته، لأنه يعني استمرار الضياع وضبابية الرؤية، الفرق الوحيد أن السجين ربما عاد إلى الجرم مرة أخرى، نتيجة عقاب المجتمع له (عقوبة صامتة), عندما لا يقبل به كعضو صالح عاد للحياة من جديد بعد تجربة قاسية ومريرة، بينما الحر الطليق (يخطئ ويخطئ) ويستمر بالخطأ دون أمل، بُمباركة مجتمعه الذي قد يغض الطرف عنه في صمت!. هذا الأسبوع احتفل سجن الحائر بالرياض بتخريج عدد من النزلاء المتعافين من المخدرات، بفضل تجربة جديدة دشنتها وزارة الداخلية تتمثل في (مركز إشراقة) الذي يعد البوابة الأخيرة للنزيل، من أجل الإمساك بطريق الأمل مرة أخرى، ومعرفة جادة الصواب التي كاد أن يفقدها، بالحصول على الوظيفة، عقب تحصينه من الانتكاسة المستقبلية أو عودته للمخدرات -لا سمح الله- وأنا هنا لست (مُطبلاً ولا مُتملقاً) بل هي الأمانة في نقل الحقيقة التي عرفناها، بعد سماع تجارب وقصص العديد من النزلاء الذين كادت حياتهم أن تنتهي بسبب خطأ فقدوا بسببه الأمل في لحظة ما! إعادة تأهيل المساجين والموقوفين للحياة مرة أخرى، دور إصلاحي تقوم به وزارة الداخلية بكل جدارة، ولعل تجربة برنامج المُناصحة لتصحيح أفكار المتورطين في الإرهاب خير دليل، وهي آكد رحلة للبحث عن (الأمل) من جديد، واليوم يأتي برنامج آخر وفكرة (شبيهة) للمتعافين من المخدرات، بحيث يتم علاجهم، وتأهيلهم، ثم تقديمهم لسوق العمل بعد ضمان الوظيفة لهم، ومتابعتهم بعد الخروج لدعمهم وتذليل الصعوبات في طريقهم، الفكرة اليوم أثبتت جدارتها واستفاد منها المئات، وهي تستحق الذكر والشكر، وتحتاج الدعم للتوسع أكثر حتى تشمل جميع سجون المملكة! الأسرة والمجتمع على المحك؟ فإما القبول بهؤلاء بعد أن عادوا (بصفحة جديدة)، أو تحمل أوزار فقدانهم للأمل خارج السجن، بعد أن تسلحوا به داخله! وعلى دروب الخير نلتقي.