بعد كارثة ديون الاتحاد ومعاناة الهلال والنصر وحتى الشباب ومعظم الأندية لدينا، أعتقد أن من أنسب الحلول الجذرية والوقائية لعدم إغراق الأندية في الديون وتوريطها في المشاكل المالية والإدارية، وجعلها عرضة للعقوبات وعدم التسجيل في المستقبل، هو تفعيل مجلس أعضاء الشرف في الأندية من قبل الهيئة العامة للرياضة، بحيث يطوّر ويعزز دوره ومكانته، ليكون أشبه بجمعية عمومية تضم أعضاء مؤهلين وقادرين ومنتخبين أو مرشحين، وفق ضوابط وشروط محددة تؤهلهم للانضمام للمجلس وتخوّلهم مراقبة ومحاسبة ومساءلة رئيس النادي بل وحتى سحب الثقة منه، إضافة إلى رسم سياسة النادي العامة بخطوطها العريضة وبرامجها الواضحة واستراتيجيتها الطويلة، مما يكفل استقراره وضمان مواصلة مسيرته بدون عوائق أو تورط مالي بالديون والالتزامات، وعدم ترك النادي ضحية لسوء إدارة فرد أو مؤامرة جماعة ذات أفق ضيق ونظرة محدودة، بسبب بحثها عن مجد شخصي ونتائج وقتية..!! وهذا لا يتم أو يتحقق إلا بقوانين وأساسيات ثابتة ونظم صارمة من قبل المجلس الشرفي، تكفل له التدقيق والتمحيص في القوائم المالية، وتنظيم آلية الصرف المتعلقة بإبرام العقود مع اللاعبين والمدربين. وهذا أمر إن حدث سيكفل لنا عدم حدوث كوارث مماثلة في المستقبل وفي أندية أخرى بسبب سياسات أنا ومن بعدي الطوفان أو الأرض المحروقة التي يورثها السلف للخلف، نتيجة الرغبة في الانتقام ووضع العراقيل أمام الرئيس الجديد، بحثاً عن سقوطه، أو الاجتهاد العشوائي، أو بسبب سوء الإدارة التي يدفع ثمنها ويذهب ضحيتها الكيان عاجلاً أم آجلاً. لهذا يجب أن تتخذ خطوة للأمام بل قفزة جبارة لتحويل أعضاء الشرف من بقرة حلوب أو آلة صراف، إلى مجلس فعّال يدفع ويراقب ويحاسب ويقر كل ما من شأنه رسم وتحديد ملامح الحاضر والمستقبل الخالي من الأزمات والديون والاجتهادات، ومنع الرئيس من إدارة النادي كممتلكات خاصة، أو بطريقة شيخ القبيلة الآمر الناهي المتحكم في كل خطوة والمتصرف في كل أمر، بعيداً عن الاستشارة والتروي ودراسة جدوى وفائدة أي قرار قبل اتخاذه .! إن الأندية كيانات قائمه وعظيمة بإنجازاتها وبطولاتها وجماهيرها ومكانتها وتاريخها، وليس من المعقول أو المقبول أن تسقط هذه الأمجاد في رمشة عين وتنهار فجأة بفعل فاعل متعمّد أو غير متعمّد، قام بإسقاط الكيان المسئول عنه في فخ الفشل والديون وأدخله في غيبوبة قد يفيق منها أو لا يفيق، نتيجةهل وأنانية أو انتقام أو سوء منظومة، جعلته يعمل بدون حسيب أو رقيب، دون إدراك للنتائج الوخيمة والأوضاع الأليمة والمحزنة التي وصل إليها ناديه. صحيح ان معظم أوضاع الأندية الغارقة في الديون حالياً هو نتيجة تراكمات وأخطاء مشتركة بين إدارات متعاقبة، ولكن عدم الشفافية والوضوح وطمس الحقائق ومحاولة إخفاء العيوب ومحاولة علاج ظاهر الألم دون مداواة باطنه وبتر جذوره، هي أمور ساهمت بلاشك في تفاقم المشكلة وتحول الوضع إلى ظاهرة كوارثية عامة اكتوت بنيرانها الأندية الكبيرة قبل الصغيرة، والتي جاء اليوم الذي تدفع فيه ثمن تهورها وبذخها وإسرافها ومزايدتها على بعضها البعض، في أجواء تنافسية غير شريفة سادت فيها لغة المؤامرة ودخول البيوت بعيداً عن أبوابها وبدون إذن ساكنيها أو علمهم.!!.