أجرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تعديلاً على نظام "نطاقات" لتحقيق هدف "جودة التوظيف"؛ في القطاع الخاص؛ من خلال خمسة معايير رئيسة هي "نسبة التوطين في المنشأة، ومتوسط أجور العاملين السعوديين، ونسبة توطين النساء، والاستدامة الوظيفية للسعوديين، ونسبة السعوديين ذوي الأجور المرتفعة". وزير العمل والتنمية الاجتماعية "مفرج الحقباني" أشار إلى حاجة برنامج "نطاقات" للتطوير وإحداث نقلة نوعية جديدة من أجل تحفيز "جودة التوظيف"، بالإضافة إلى العامل الكمي وبما يتناسب مع حاجة سوق العمل. قد تكون الحاجة النوعية باتت أكثر إلحاحاً اليوم؛ إلا أن أهميتها كانت حاضرة منذ انطلاقة البرنامج قبل أكثر من خمس سنوات؛ بل إنني أعتقد أنه لو بدأت الوزارة بتطبيق "نطاقات الموزون" بمواصفاته الحالية المحققة لمتطلبات جودة التوظيف في ذلك الوقت؛ لأحدث تغييراً كبيراً في سوق العمل، وتطويراً نوعياً لقدرات الشباب، ولأسهم بشكل مباشر في معالجة البطالة، وخصوصاً أن تطبيقه سيكون متزامناً مع الطفرة الاقتصادية التي شهد فيها الإنفاق الحكومي قمته. على الرغم من مساهمة "نطاقات" في رفع نسبة التوظيف خلال السنوات الماضية؛ إلا أن نوعية تلك الوظائف الموَلَّده لم تكن متوافقة مع الأهداف المرسومة؛ خاصة بعد تحول النسبة الأكبر منها؛ إلى وظائف موجهه لتجاوز متطلبات السعودة القسرية. يؤكد ذلك نسبة توظيف النساء في شركات البناء التي يفترض أن تكون الأقل خلقاً للوظائف النسوية بسبب طبيعة العمل الميداني المحرم على المرأة وغير المتوافق مع قدراتها. كتبت في 15 أبريل 2012 ما نصه "حقق نظام نطاقات بعض أهدافه فيما يتعلّق بتصنيف المنشآت في القطاع الخاص وفق السعودة، إلا أنه لم ينجح بعد في تحقيق هدف السعودة الحقيقية لأسباب مختلفة. فبرنامج نطاقات غير واضح المعالم، وهو يركز على الكم لا الكيف، وهو تحقيق النسبة ولو كانت في الوظائف الدُنيا ذات الأجر المتدني مما يوفر للمنشأة الحماية اللازمة من وزارة العمل وتوفر لها المزايا المطلوبة. إضافة إلى ذلك فنطاقات يهدف إلى توظيف الشباب وتدريبهم وتطوير قدراتهم من خلال العمل وما يحدث حالياً لا يتوافق مع ذلك الهدف، والسبب يعود إلى أن المنشآت تتحايل على النظام بتركيزها على النسبة دون تحقيقها هدف السعودة الحقة.... نطاقات تسبب أيضاً في خلق البطالة المُقنعة من خلال استئجار أصحاب المنشآت للسعوديين ليس بقصد العمل وإنما لتحقيق النسبة المطلوبة، وهذا ساعد الشباب على الاكتفاء بأجر متدنّ مقابل البقاء في منازلهم". يبدو أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية اكتشفت خلل البرنامج؛ ما دفعها إلى تطويره للوصول إلى "نطاقات الموزون" الذي أعتقد أنه سيساعد في تحقيق هدف السعودة القائم على الاستدامة المرتبطة بالأجر ونوعية الوظائف المتاحة. إضافة إلى ما قد يحققه في جانبي التأهيل والتدريب؛ وتحفيز الشباب على العمل الجاد، بدلاً من وظائف "البطالة المقنعة". قد يحدث "نطاقات الموزون" تغييراً في سوق العمل؛ وتغييراً أكبر في رؤية الشركات للسعودة، إضافة إلى ما سيخلقه من وظائف نوعية للسعوديين؛ غير أنه لن يكون البديل عن البرامج المرتبطة بتوليد وظائف جديدة من خارج عمليات الإحلال؛ التي يفترض أن تكون من مسؤوليات الوزارات الأخرى وفي مقدمها وزارتا الطاقة والصناعة والثروة المعدنية؛ والتجارة والاستثمار؛ المعنيتين بفتح قطاعات صناعية وتجارية جديدة؛ وجذب استثمارات أجنبية ومحلية نوعية تسهم في خلق كم أكبر من الوظائف الجاذبة. أختم بتذكير وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بأهمية التعامل مع بعض القطاعات التي لا يمكن تطبيق "نطاقات الموزون عليها" كالقطاع الزراعي بأفرعه الثلاثة؛ الزراعة؛ صيد الأسماك؛ الرعي؛ والمنشآت الحرفية بشكل عام؛ وهي القطاعات التي تضررت من البرنامج بنسخته الأولى ما يعني أنها ستكون أكثر تضرراً اليوم وربما يتسبب البرنامج بوقف أنشطتهم وإخراجهم من السوق. أقترح أن يكون هناك رؤية موازية تأخذ في الحسبان ظروف تلك المنشآت وقدراتها المحدودة؛ وأن يضمن قرار الوزارة الجديد باستثناء خاص للقطاعات التي يتعذّر تحقيقها متطلبات البرنامج بسبب طبيعة عملها ونوعية وظائفها الطاردة للسعوديين.