رغم خروج الفريق من بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا - أمريكا 2016) بسبب هدف غير صحيح يدرك الجميع في المنتخب البرازيلي لكرة القدم أن مشاكل وأزمة الفريق الحالية تتجاوز هذا، ولا تقتصر على واقعة بعينها. وقبل مشاركة الفريق في النسخة المئوية لكوبا - أمريكا 2016 التي تستضيفها الولاياتالمتحدة حاليا كان أمل الفريق ومديره الفني كارلوس دونجا أن تساهم البطولة في تخفيف حدة التوتر بالفريق والانتقادات الموجهة إليه بسبب المسيرة المهتزة في المباريات الست الأولى بتصفيات كأس العالم 2018. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ إذ وجد الفريق نفسه في مواجهة عاصفة أكبر من الانتقادات، وأصبح مدربه دونجا في مهب الريح. وكان دونجا قد ناشد الجماهير الصبر على الفريق قبل بداية المشاركة في كوبا - أمريكا 2016، ولكن البرازيل لا تعرف هذه السمة عندما يتعلق الأمر بكرة القدم، خاصة بالمنتخب البرازيلي (راقصي السامبا). وشاهد الجميع الإعادة التلفزيونية التي أظهرت عدم شرعية الهدف الذي أطاح بالسامبا خارج كوبا - أمريكا؛ إذ أحرزه لاعب بيرو البديل راؤول رويدياز بيده، ولكن هذا لم يغير من الأمر شيئًا؛ إذ يدرك الجميع داخل بلاد السامبا أن أزمة الفريق تتجاوز هذا الهدف بل هذه البطولة بأكملها، كما أن عدم صحة الهدف لا يكفي لحفظ ماء الوجه أو لتخفيف المعاناة التي يعيشها الفريق. أداء متواضع واهتزاز مستوى منذ سنوات وقال داني ألفيش ظهير أيمن برشلونة الإسباني والمنتخب البرازيلي: «كلنا ممن يمثلون المنتخب البرازيلي حاليًا نتحمل المسؤولية. لم نكن في أفضل حالاتنا». واعترف ألفيش: «إنها خيبة أمل كبيرة لنا. ما فعلناه ليس مقبولاً». واستفاد المنتخب البرازيلي نفسه من خطأ تحكيمي ليفلت بنتيجة التعادل السلبي مع نظيره الإكوادوري في بداية مسيرته بالبطولة الحالية. كما أن الفوز الساحق 7 / 1 على منتخب بنما لم يخفِ الحقيقة الصعبة، وهي أن الفريق قدم أداء متواضعًا للغاية في البطولة الحالية، وأن اهتزاز مستواه في كوبا - أمريكا 2016 ليس إلا امتدادًا طبيعيًا للأزمة التي يمر بها منذ سنوات. وما زال المنتخب البرازيلي العريق الفائز بلقب كأس العالم خمس مرات سابقة (رقم قياسي) يعاني من حالة الصدمة القوية التي أصابته بالهزيمة القاسية 1 / 7 أمام نظيره الألماني في المربع الذهبي لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل. وخرج الفريق صفر اليدين من بطولة كوبا - أمريكا 2015 في تشيلي بالسقوط أمام منتخب باراجواي في دور الثمانية. كما يحتل الفريق المركز السادس حاليًا في تصفيات مونديال 2018. تصفيات المونديال والتخلص من الأزمة وما زال أمام الفريق 12 مباراة في تصفيات المونديال، لكنه يحتاج إلى التخلص من أزمته إذا أراد احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى التي يتأهل أصحابها للنهائيات مباشرة، فيما يخوض صاحب المركز الخامس دورًا فاصلاً مع منتخب من اتحاد قاري آخر، فيما سيكون الخروج هو مصير صاحب المركز السادس الذي يحتله المنتخب البرازيلي حاليًا، وكذلك أصحاب المركز من السابع إلى العاشر في هذه التصفيات التي تستأنف فعالياتها في سبتمبر المقبل. وخاض المنتخب البرازيلي فعاليات كوبا - أمريكا 2016 بدون نجمه الوحيد نيمار دا سيلفا الذي اختار المشاركة في مسابقة كرة القدم بدورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في أغسطس المقبل. وكان برشلونة الإسباني قد رفض مشاركة لاعبه نيمار في البطولتين سويًا هذا الصيف، ووافق له على اختيار المشاركة في إحداهما. واختار نيمار المشاركة في الأولمبياد لمساعدة المنتخب الأولمبي البرازيلي في محاولته لحصد ذهبية كرة القدم للمرة الأولى في تاريخه. دونجا على صفيح ساخن ولكن الأزمة الحالية للمنتخب البرازيلي ومديره الفني دونجا لا توحي بالتفاؤل، خاصة أن دونجا هو المشرف أيضًا على تدريب المنتخب الأولمبي. وعاد دونجا لتدريب المنتخب البرازيلي خلفًا لمواطنه لويز فيليبي سكولاري بعد السقوط المدوي للفريق في المونديال البرازيلي. ولكن دونجا ظل على صفيح ساخن، خاصة بعد خروج الفريق من دور الثمانية في كوبا - أمريكا، والعروض الهزيلة له في تصفيات المونديال. والآن تطالب وسائل الإعلام البرازيلية برأس المدرب حتى قبل أولمبياد ريو دي جانيرو. وقال مسؤولو الاتحاد البرازيلي إن كوبا - أمريكا 2016 ستكون اختبارًا لدونجا، ولكنه سقط في الاختبار ولم يكن الأمر على ما يرام بالنسبة له وللفريق. وطالب دونجا بالصبر، ولكن هذه السمة نفدت بالفعل في عالم كرة القدم البرازيلية. وقال دونجا عقب الهزيمة أمام بيرو: «البرازيل اعتادت الانتصارات في السبعينيات من القرن الماضي، وأيضًا بعد 1994. والآن نمر بمرحلة انتقالية». وأوضح: «المنتخب الألماني لم يفز بأي شيء على مدار 14 عامًا، لكنه تحلى بالصبر. المشكلة أننا في البرازيل نريد كل شيء في مساء اليوم نفسه». ويملك دونجا بعض الحق في هذا، كما أن المنتخب البرازيلي الذي شارك في كوبا - أمريكا 2016 افتقد العديد من النجوم الذين دعموا الفريق في بطولات أخرى. غياب النجوم العمالقة وبعدما كان هجوم الفريق في الماضي بقيادة نجوم عمالقة، مثل رونالدو وروماريو، أصبحت الدفة الهجومية للفريق حاليًا في غياب نيمار في يد مهاجمين لا يحظون بالقدر نفسخ من الإمكانيات والشهرة، مثل جوناس أو مهاجمين شبان مثل جابرييل باربوسا. ورغم أن فيليب كوتينيو نجم ليفربول الإنجليزي كان من أفضل لاعبي الفريق في كوبا - أمريكا 2016 لكنه لا يرقى أيضًا لمستوى لاعبين سطعوا مع الفريق في الماضي، مثل كاكا ورونالدينيو وبيبيتو. وأشارت وسائل الإعلام البرازيلية إلى وجود خلاف وشقاق بين دونجا ولاعبيه، ومن بينهم نيمار. وذكر الناقد الرياضي جواو كارلوس أسومبكاو في صحيفة «لانس» البرازيلية الرياضية: «يشعرون بالضياع والاضمحلال لمشاركتهم مع المنتخب البرازيلي. يشكون من السخرية منهم، ويرون أن اللعب للمنتخب البرازيلي بعد الهزيمة 1 / 7 في المونديال البرازيلي أصبح عبئًا عليهم». ويبدو أن ألفيش يؤيد هذا الرأي؛ إذ اعترف بأن المنتخب البرازيلي يحتاج لما هو أكثر من الصبر.