«سبب رفض السعودية السماح للحجاج الإيرانيين بلعن اليهود والدعاء على إسرائيل هو إرضاء الكيان الصهيوني»، حسبما أدعى حسن هاني زاده، مدير تحرير وكالة أنباء مهر الإيرانية، في مناظرة تلفزيونية جمعتني به على قناة روسيا اليوم. وكحجة، أضاف أن وزير الخارجية عادل الجبير قام مؤخراً بزيارة للكيان الصهيوني واجتمع مع ورئيس الوزراء بينامين نيتنياهو ووزير الدفاع للتآمر على إيران، «حائط الصد الأخير للإسلام والمسلمين» ولوضع العقبات في سبيل مشاركتها في موسم الحج القادم. وأكد الإعلامي الإيراني أن إيران لا تريد سوى حماية حجاجها من المخاطر، ولكن السعودية ترفض توفير ضمانات أمنية كافية. زاده وغيره من المتحدثين باسم إيران يكررون إدعاءات تستعصي على المنطق من نوع: «القوات السعودية الخاصة تقتل السوريين. وإيران لم تتدخل في البلاد العربية إلا لحماية المدنيين من الإرهاب السعودي وإسرائيل، وبهدف تحرير فلسطين. وأنها تسعى لحماية اليمن من الإبادة الجماعية وتدعم كل المستضعفين في العالم، وتحارب القاعدة وداعش وطالبان المدعومة من السعودية.» الحقيقة أنها مهمة صعبة عندما يطلب منك الرد على هذا الكم من الادعاءات في بضع دقائق. فبمجرد أن تنتهي من تفنيد الحزمة الأولى يكون وقتك انتهى. وإذا اخترت التركيز على أسئلة المذيع، قد يحسب المشاهد ذلك اعترافاً ضمنياً بصحة الاتهامات. اخترت هذه المرة أن أستغل الوقت المتاح في طرح أسئلتي: - إذا كنا ندعم الجماعات الإرهابية فلماذا توجه سهامها إلينا، ولم تهاجمكم ولا مرة واحدة رغم حدودكم الطويلة معها؟ - وإن كانت أميركا وإسرائيل والغرب هم ألد أعداء إيران، فلماذا توقعون الصفقة تلو الأخرى معهم؟ وإذا كنتم تتصدون لهم، فلماذا تخليتم عن مشاريعكم النووية لإرضائهم؟ ولماذا تصدر عشرات القنوات الإيرانية بالعربية من إسرائيل وعلى القمر الإسرائيلي المستخدم أيضاً للاتصالات الاستخبارية؟ - إذا كانت المملكة لم توافق من قبل على الترخيص لكم بالتظاهر، فلِمَ هذه المرة قررتم منع الحج؟ - وإذا كانت هذه التظاهرات شعيرة واجبة، فلماذا لم يمارسها المسلمون في 74 دولة؟ - ماذا لو قام أهل السنة والعرب والأكراد في إيران بالتبرؤ منكم؟ وتظاهر الشعب السوري ضدكم؟ واحتجّ السنة العراقيون ضد تدخلاتكم وجرائم مليشياتكم؟ واللبنانيون ضد عملائكم؟ هل سيكون حجاجكم أكثر أمناً؟ وهل ستستوعب منى ملايين المتظاهرين؟ وكم سنحتاج من قوات الأمن والمسعفين ومقدمي الخدمات لحفظ النظام وضمان سلامة الحجيج؟ - هل ستقبل إيران بمظاهرات مماثلة للمسلمين السنة وعرب الأحواز في قم؟ وإذا قلت أنها ستقبل، فلماذا هاجمت المتظاهرين ضد تزوير الانتخابات الرئاسية في 2009، والمعترضين على تدخلاتها الخارجية في 2012، رغم أنهم مواطنون شيعة وفرس؟ - وإذا كنا سنحول المشاعر المقدسة إلى ميادين لصراعات سياسية صاخبة، ماذا سيتبقى من أجواء الروحانية والتعبد والسلام؟ الواقع أن إيران لا يعنيها الحج، فقياداتها الدينية، بما فيها الخميني وخامئني، لم يسبق لهم أداء الفريضة أو العمرة والزيارة، لأن الحج إلى النجف وكربلاء عندهم أولى. ولما عجزوا عن إقناع شعبهم بذلك، لجأوا إلى افتعال الخلافات والتسبب في الحوادث كذريعة لمنعهم، وتحميل المملكة وزر ذلك وتحريضهم ضدها. والهدف الآخر هو أن يعكروا صفو الحج لإثبات أننا عاجزون عن إدارته. وتدويل إدارة الحج مطلب الثورة الإيرانية منذ انطلاقتها قبل خمسة وثلاثين عاماً، لكنهم لم يستطيعوا حتى الآن إقناع أي دولة إسلامية بذلك. وعزلتهم المتزايدة في العالم الإسلامي واصطفاف العرب والمسلمين وراء القيادة السعودية يفسر سياساتهم العدوانية والانفعالية تجاهها. واختتمت بأنني حزين لحرمان إخواننا حجاج إيران من أداء فريضتهم، وأدعو الله أن يفرج مصيبتهم في ولاة أمرهم. أما الحرس الثوري ورجال الاستخبارات المتخفون وسطهم، فلن أكتم سعادتي لغيابهم واكتفاء شرهم!