لم يكن خروج الهلال من ثمن النهائي الآسيوي مفاجئاً، فملامح الخروج رسمت منذ وقت مبكر، والنتيجة المرة مهدت لنفسها، قبل أن تتدحرج في حلوق الهلاليين الذين وجدوا أنفسهم من جديد يتحدثون عن موسم للنسيان، وعن آمال أزهقت، وفريق لا يقوى على فعل شيء، وأن التفاؤل والدعم والحديث عن الممكن وغير الممكن، أمر لم يعد له قيمة في عالم كرة القدم الذي تغير كثيراً، في وقت يصر فيه بعض صناع القرار الأزرق على العمل بالنسق القديم، دون دراسة جيدة لما يدور حول الفريق وحول النادي الذي قال أمس أنه يحتاج للكثير حتى يعود منافسا بطلاً له هيبته وقيمته، مع الإصرار على قناعات قديمة لم تعد تنفع أو تجدي في هذا الزمن. خروج الهلال متوقع، ولو لم يحدث لكان ضرره على الفريق أكثر من نفعه، فالحقيقة أن الفريق الذي عجز عن الفوز على أصحاب المراكز المتقدمة في الدوري المحلي لن يكون قادراً على الذهاب بعيداً في الدوري الآسيوي، والفريق الذي عجز عن الفوز على لوموتوكيف في الرياض وقدم مستوى متدنياً على ملعبه، لا يمكن أن يغير جلده خلال أسبوع واحد، حتى وإن ألغى عقد المدرب وحاول صناع القرار إحداث صدمة فنية قبل اللقاء الحاسم، خاصة وأن البديل ليس المدرب القادر على صناعة الفارق وإحداث طفرة فنية خلال هذه المدة القصيرة، وفوق هذا كله بلاعبين قالوا أمس إنهم لا يمكن أن يفيدوا الفريق أو يسيروا به إلى الأمام، وأن تدخلاً حاسماً يعالج كل الأمور يجب أن يكون قد صدر البارحة وليس اليوم، بالغاً ما بلغت تبعاته، وأياً كانت النتائج الأولية له. إرهاصات ما يحدث للهلال اليوم وتوالي خيباته في الدوريين المحلي والقاري بدأت بالظهور منذ مواسم عدة، لم يعد هناك النجم السوبر الذي يصنع الفارق في الفريق، ولم يعد هناك المدرب الذي يصنع فريقي الحاضر والمستقبل، ويحدث ثورة فنية في الفريق، ولا الإداري القادر على فرض هيبته وحضوره ورسم سياسة واضحة للفريق. في الهلال ومنذ مواسم ظلت الاجتهادات سيدة الموقف، وظل العمل الوقتي هو الأصل، وبقي التخطيط طويل الأمد على الرف... وها هو الصرح الشامخ يتهاوى ويودع البطولات الكبرى الواحدة تلو الأخرى، وفي كل مرة يكون التدخل بالوعود والمسكنات، فيما بقيت العلل الحقيقية تنهش في جسد الفريق، وتنثر الملح الأجاج على جراحه الرطبة، فيما يضرب جمهوره الوفي كفاً بكف، ويكتفي بطرح السؤال نفسه في نهاية كل موسم ...متى يعود الهلال؟ وفي كل مرة تأتي الإجابة نفسها ...انتظروا هلالاً مختلفاً في الموسم المقبل. هذا الهلال المختلف هو الذي أضاع الدوري خمسة مواسم متتالية، وهو الفريق الذي يودع الدوري الآسيوي الموسم تلو الآخر، ويكفي أن نقول إن الهلال خرج في الثلاث نسخ الأخيرة من دوري أبطال آسيا من الدور النهائي، ثم من نصف النهائي، ثم من ثمن النهائي، ومع ذلك هناك من يرى أن ما يحدث أمرا طبيعياً، يمكن أن يتعرض له أي فريق كرة قدم في هذا العالم الفسيح!! في هذا الموسم ومن البداية حذر الهلاليون الناصحون المخلصون، من مغبة استمرار المدرب دونيس الذي ظهرت قدراته الحقيقية في نصف النهائي الآسيوي، وأكدوا أن دونيس مدرب مرحلة مؤقتة، وأنه ليس المدرب الذي يُنتظر منه أن يذهب بالفريق إلى مرسى طموحات أنصاره، ومع مرور المنافسات تأكدت هذه الرؤية وقال دونيس بعمله لا بلسانه أنه ليس المدرب الذي يمكن أن يحمل الهلال كما يجب، توالت الأخطاء وتوالت الخسائر، وتوالى الخروج من البطولات، ومع ذلك وجد دونيس من يدافع عنه، بل وجد من يقسم بالله أنه ضالة الهلال لمواسم مقبلة، وفي وقت متأخر وعندما طارت الطيور بأرزاقها تم إعفاء دونيس ... وما من فائدة من القرار!! اللاعبون الأجانب في الهلال ...حكاية أخرى ، يشكّل هؤلاء أكثر من ثلث الفريق، لكن أين الفائدة منهم في هذا الموسم بالتحديد؟؟ ولماذا لم تتدخل الإدارة في الفترة الشتوية لإنقاذ شيء؟؟ المدافع ديقاو غاب كثيراً إما بقرار انضباطي أو بإصابة، وعندما يشارك يكون عالة على الفريق ويتحمل زملاؤه أخطاءه.. فضلاً عن كونه لم يعد يعطي بحماسه السابق ..فهل ناقشته إدارة الكرة الهلالية، وتوصلت للأسباب التي غيّبت النجم الوحش؟؟ والمهاجم الميدا... جاء للهلال بسيرة ذاتية ضعيفة، وكان خبر التعاقد معه في الصيف الماضي محل قلق وتساؤل، ولم يخب ظن من قلق وتساءل ...فاللاعب الهداف الذي فضله مدربه كثيراً على حساب من هم أفضل منه قدّم نفسه بصورة سيئة وأرقامه تتحدث عن ذلك، ولا حاجة للمزيد من التفصيل.. والنجم إدواردو.. بدأ مع الفريق بصورة لافتة وتكفل بإصلاح أخطاء مدربه وقيادة فريقه قبل الشتوية .. وبعدها أصابه بيات غريب وغاب بفعل الإصابة طويلاً ... وعندما عاد، عاد بجسده واسمه فقط، أما مستواه فقد كرر حكاية ويسلي الذي بدأ نجماً وغادر غير مأسوف عليه!! اللاعبون المحليون هم الآخرون، توقف عطاؤهم، ولن أقول طموحهم، وأصبح معظمهم غير قادر على تقديم ما يفيد الفريق، بل إن أخطاءهم تتواصل وتكبد الفريق الكثير، ومع ذلك لم يتغير شيء طوال الموسم، واستمر حضورهم وأخطاؤهم في الفريق، فلم يتدخل المدرب ولم يفعل شيئاً الإداري... ودفع الفريق الثمن. أرخى الموسم بالنسبة؟؟؟؟ سدوله، وظهرت النتائج الأخيرة لتقدم حقيقة كل من عمل واجتهد في عمله، النهاية ليست بالشكل الذي يريده الهلاليون، لكنها كما أسلفت متوقعة، بناءً على العمل في الفريق، والمطلوب اليوم هو فتح صفحة المستقبل، لكن بالعودة للماضي... كفى الهلال وتاريخه مجاملة لأسماء لم تقدم أي شيء سواء في الملعب أو خارجه.. كفى الهلال وتاريخه هذا الغياب الطويل عن لقبي الدوري وآسيا.. كفى الهلال أن تتواصل الأخطاء فيه وما من علاج حاسم لها... كفى الهلال علاجاً بالمسكنات فقد أنهكته وأرهقته... وفتت عضده وأثقلت كرته.. كفى الهلال أن يكون رهينة لوعود تذوب مع أول منافسة صعبة.. كفى الهلال أن تدارى إخفاقاته بالعبارة البالية (موسم للنسيان) دون دراسة أسباب ذلك... كفى الهلال أن يكون رهينة لمدربين بلا تاريخ يتعلمون فيه ويشتهرون من خلاله.. كفى الهلال أن يضع كل تاريخه تحت رحمة ومزاج لاعبين لا يتعلمون من أخطائهم... كفى أيها الهلاليون .... هلالكم الذي طالما أسعدكم ورفع رؤوسكم .. لا يستحق كل هذا. لا يستحق كل هذا.