هناك مثل مجهول المصدر يقول : إن الاكتشافات والإنجازات العظيمة تحتاج إلى تعاون الكثير من الأيدي ...! مقولة تختزل محاولات البعض جني ثمار يزعمون أنها بفعل أيديهم وحدهم ، قد يكون الفكر هو الباني ، وقد يكون الطموح هو المُحرك، لكن الأيدي هي التي تفعل.. تُنجز.. وتقطف.. لا يمكن ليدٍ أن تُصفق وحدها.. تحتاج يد مُقابلها تلتقط فعلها وتُحوله ردةَ فعلٍ تأتي بأُكُل.. العظماء ينتمون لقاعدةٍ من المنفذين المؤمنين بهم من حولهم وإلا لكانوا جُزراً مُنعزلة منفيّة في عالمٍ من الأفكار العظيمة المتجمدة.. أكد دانيال غولمان أو جولمان -صاحب كتاب «الذكاء العاطفي»- والذي أدخل حاصل الذكاء العاطفي إلى مجال الشركات: «بالنسبة إلى المناصب القيادية, تمثل قدرات الذكاء العاطفي أكثر من 85% من الأشياء التي تميز بين المديرين اللامعين و المديرين المتوسطين». أي أن المهارات التقنية لا تكفي من دون المهارات العاطفية. المهارات العاطفية.. تلك التي ربما من أهمها مهارة التعامل مع خبايا الذات ، مع القدرات والأحاسيس والانفعالات.. والتي يأتي معظمها من موروثات جينية أو تربوية أو بيئية ، تتحكم في تقبلنا لما حولنا .. وتعمل عمل المترجم- السيئ أحيانا- لما نتلقاه من الآخر ، وعمل المصفاة في وقت آخر لما يصلنا من معلومات على جميع الأصعدة. أن نُحسن إدارة عواطفنا وانفعااتنا ونتحكم برُشدنا ومنطقنا هو أول وأهم لبنة في طريق النجاح. لا شك أن هناك من يحمل راية أن النجاح يعني «وجوب التجرد من هذه العواطف والاحاسيس إنْ كُنا نتحدث عن بيئة عمل»، وأنّ «القائد الناجح يحتاج أن يكون حازما ومتجردا من أدوات قد تُحسب عليه.. ضعفا!»، يقول سلطان العثيم في مقال (الذكاء العاطفي جنة العلاقات): «أنَّ ضبط النفس هي من أبرز علامات القائد المحنك والشخص القادر على إدارة المجاميع وصنع القرار والتحفيز على النجاح والتألق وترك بصمة رائعة في محيطه, هي علامة من علامات المبدعين والمتألقين والطامحين وصناع القرار والعباقرة». النجاح الحقيقي ينبع من حُسن إدارة المجاميع التي تقع تحت قيادة القائد، إدراك قدراتها وتعزيزها ، تلمُس شغفها وتحفيزه ، وتفعيل ما يحركها ،وقبل هذا وذاك إستشعار إحباطاتها والعمل على تفاديها ، ف هوارد غاردنر مثلا، يرى أهمية التعاطف الوجداني «Empathy» ودوره في إنجاح العلاقة بمن حولنا ، حيث لا يتحقق نجاح ولا طموح ولا إنجاز ولا استقرار أسري وعائلي إلاّ مع ومن خلال من هم حولنا. يقول الشاعر البستي: أحسن إلى الناسِ تستعبد قلوبَهُم * فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ.