وزهراء بنت منصور التي رحلت بالأمس القريب شكلت هي ومن في عمرها نهاية (جيل الصمود)؛ ذلك الجيل الذي احتزم بالصبر واعتصب بالإيمان. جيل منهم من قضى نحبه ومنهم من ما زالوا يعيشون بيننا يستجرون الماضي في كل مناسبة تجمعنا بهم ثم يلوذون بالصمت، لا نعرف قيمتهم إلا عندما نفقدهم ولا تتدفق مشاعرنا تجاههم إلا مع تدفق دموعنا على فراقهم. حلّلوا زهراء بنت منصور فقد حلّلت الذئب الذي أكل غنمها والطبيب الذي أعمى عينها والموت الذي اختطفها حلّلته عندما قالت (إن أبطى الموت فما بيخلي حي وإن أسرع الموت فما بيظلم حي). حلّلوها فلم أكن أتخيل أن تتخلّى عن بيتها ومزارعها لكنها تخلّت عنها ولم تعد تسأل إلا عن عصاها ومسبحتها ومكان صلاتها ثم تركت كل شيء ورحلت. (اللهم إني أسألك إيماناً كإيمان العجائز).