كنت قد جئت في الصيف برفقة الزميل الدكتور عبدالعزيز المانع من مدينة بورنموث حيث كنا ندرس اللغة الإنجليزية، جئنا إلى إدنبرة لنبحث عن سكن لأسرتينا في هذه المدينة الأسكتلندية الجميلة؛ لأننا سنلتحق بالجامعة في شهر سبتمبر من ذلك العام، وقد ذُكِرَت لنا أسماءُ بعضِ الذين يدرسون هناك من السعوديين ومن بينهم عبدالله العثيمين -رحمه الله- ومن بينهم أيضا عبدالله الجربوع، وعبدالله الحييد، وسألنا عن الجربوع، وهو آخرهم مجيئا إلى إدنبرة، فقيل لنا: إنه يرقد في المستشفى المشار إليه سابقا لعارض صحي ألم به فقررنا لحظة وصولنا أن نزوره مع أنه لم يسبق لنا أن رأيناه من قبل، وخلال الزيارة حدثنا عن الزملاء الموجودين في إدنبرة وقال لنا: لا بد لكما أن تتصلا بالعثيمين فإنه عمدة السعوديين في هذه المدينة، وودعنا الجربوع في سريره، وبينما كنا نهم بمغادرة مدخل المستشفي إذا بالعثيمين أمامنا، كنا ذلك من صيف عام 1971 أمام مدخل مستشفى شهير بإدنبرة يعرف The Royal Infirmary ولم يسبق لنا أن رأيناه أيضا من قبل لكنه العثيمين لا تخطئه العين في أي موطن وُجد، كانت البسمة على محياه تجذبك إليها كما يجذب المغناطيس الحديد، وقد استجبنا للجذب. لقد جاء العثيمين إلى المستشفى زائرا لزميله الجربوع فأصر عندما قابلناه على أن نعود معه إلى غرفة الجربوع التي خرجنا منها للتو، ولو لبضع دقائق ليقضي واجب الزيارة ثم نخرج، وقد فعلنا ومنذ تلك اللحظة الحاسمة على مدخل المستشفى بإدنبرة انعقدت بيننا وبين هذا الرجلِ الاستثنائي، صداقة وثيقة ومعرفة عميقة وأكرم بها من صداقة وأنعم بها من معرفة.