تعليقاً على ما نشر في صفحة عزيزتي الجزيرة بعنوان (الزحام يا مرور الرياض) فإن الحوادث المرورية، الناتجة عن عدم التقيد بقواعد السير، والناجمة عن عدم الأخذ بأسباب السلامة، قضية وهاجس يقض مضجع المسؤول والمواطن والمقيم على أرض هذا الوطن المعطاء، لما ينتج عنها من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، ولما تخلفه من إعاقات وإصابات بليغة تدمي القلب وتوجع الفؤاد، ليس في هذا البلد فحسب بل في جميع بلدان العالم, وإن اختلفت في نسبها وأحجامها من بلد إلى آخر، ولئن كانت تفتح أبواب المعامل والمختبرات وتستنهض همم الباحثين والمتخصصين في مجال البحث وصناعة الأدوية للعمل المتواصل والبحث المستمر، لاحتواء أي داء يهدد البشر، ومحاصرة أي فيروس يقلق مضاجعهم ويهدد أرواحهم, فإن استنهاض الهمم لاحتواء داء عدم الالتزام بقواعد السير، واستنفار الطاقات لمحاصرة فيروس عدم الأخذ بأسباب السلامة يكون ضرورة ملحة تتطلب المبادرة والمسارعة، ولا تقبل التردد ولا تحتمل التسويف أو التأجيل، الأمر الذي سوف يضاعف من مهام ومسئوليات جهاز الأمن العام، خاصة الإدارة العامة للمرور، أمام هذا الخطر الكبير ويجعل الجميع ينظر إليها نظرة تفاؤل وأمل واستبشار بأن تكون الطبيب الماهر والجراح المنتظر الذي يتحقق على يديه بإذن الله تعالى رتق هذا الجرح النازف أو التحجيم من آثاره ومخاطره, حيث يحمل هذه الإدارة مسؤولية إيجاد الوسائل وتوفير الأساليب التي تساهم في إحاطة هذا الشبح المخيف واحتوائه، ويضع على عاتقها مهمة تنشيط وتكثيف البرامج التوعوية والإرشادية وضرورة البحث عن الآلية الجديدة والإستراتيجية التي تساعد في خنق هذا العدو ومحاصرته, إن هذه الحوادث المروعة تلزم إدارة المرور أن تبذل قصارى جهدها لتهيئة طريق خال من العقبات، آمن من المفاجآت الثابتة أو السائبة أو المتحركة، طريق وافر العبارات التحذيرية، مكتمل اللوحات الإرشادية, إن على إدارة المرور أن تؤكد على ضرورة تفعيل دور الإشارة الضوئية في تحقيق أسباب السلامة من خلال وضوحها، والدقة في اختيار مواقعها، ومراقبة (ديناميكيتها) ومحاولة تطبيق الضوء الأخضر بين الإشارات قدر المستطاع, إن على المرور ألا يتردد في استعمال الحزم في غير عنف مع كل متهور لم يجد معه الأسلوب، والشدة مع كل مستهتر لا يحترم التعليمات، وغير مبال لم يستجب للخطاب, إن على إدارة المرور محاولة إعادة النظر في إجراءات وشروط منح رخص القياد, خاصة فيما يتعلق بمنح التصاريح، والتأكيد على عدم التهاون أو التساهل في هذا الأمر، لما ينتج عن ذلك من أضرار فادحة وآثار مؤلمة عندما تمنح لأشخاص في سن مبكرة لا تدرك العواقب ولا تقدر النتائج والمسئولية، إن على إدارة المرور ألا تتأخر في البحث عن كل أسلوب جديد يوصل إلى الهدف المنشود، وكل برنامج مفيد يحقق الأمل المعقود, إلا أن هناك حقيقة يجب أن يدركها الجميع ولا ينساها أو يتناساها، وهي إن جهود رجال المرور وحدها لن تؤتي ثمارها، ولن تحقق كامل أهدافها ولا جل آمالها، ما لم تتوحد وتتضافر جهود الجميع لأن التعاون أساس عملية النجاح، الذي يجعل مسئولية التصدي لهذا الخطر الكبير، والوقوف أمام هذا العدو اللدود مسئولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع: أفراداً وأسراً، ومؤسسات وإدارات، وذلك من خلال مشاركة رجال المرور في هذه المهمة النبيلة، ومشاطرتهم في هذه المسئولية الجسيمة والتي سوف يكون لها دور إيجابي بإذن الله تعالى في احتواء هذا الخطر ومحاصرة هذا العدو ورتق وإيقاف هذا الجرح النازف، متى اتصفت بالاستمرارية والتواصل ولم تتوقف على يوم أو أسبوع أو مناسبة, هذا والله نسأل التوفيق للجميع فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.