تعليقاً على مقال الأستاذة القديرة ناهد باشطح (الشفافية كمبدأ في إعلام الأزمات)، فلقد كنت أظن وخاب ظني في بعض أبناء وطني المندفعين وقد عصفت الإشاعة بمكنونات هذا البعض لنقع ضحية ونكتشف بأننا مهيؤون وجاهزون لأي متربص أن يصيبنا في الصميم، وبالتالي نعد مجتمعاً مساهماً وفعالاً في تأسيس الإشاعة للفضول وكشف المستور ومعرفة المحجوب تحت تأثير الانفتاح الإعلامي والقنوات المتعددة الأهواء لمواقع التواصل الاجتماعية، لذا تعتبر وسيلة دعائية فاعلة ومؤثرة، فهناك أحداث تاريخية أثرت وتأثرت بفضل الإشاعة، هيأنا لها مرتعاً خصباً وسلوكاً اجتماعياً يمارس لتسليط الضوء على مشكلاتنا وإبرار بعض الجوانب السلبية، وهذا جانب حميد للتصحيح والتقويم وإن كان يعتبر ضرباً من الإشاعة. أما الجانب الآخر فعدواني ضد المجتمع يحاكي الاضطرابات النفسية للبعض، ويعمل على خلق البلبلة الفكرية والفتن وتضليل الرأي العام وانعدام الأمن والأمان، هناك حريات مطلقة متاحة دون رقيب لترويج الأخبار المغلوطة عبر المواقع، ومع ذلك لا تزال العقوبة غائبة عنها، 82% من المستخدمين يصدقون الإشاعات بحسب دراسة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وهذا مؤشر خطير يوضح مدى تقبل الإشاعة وسرعة تداولها بصرف النظر عما تحويه، ولا نغفل دور «هيئة مكافحة الإشاعات» وهو الذي أتى لنشر ثقافة الوعي عبر الشبكات الاجتماعية والبعد عن التصديق الأعمى للخبر دون التحقق والتأكد من المصدر. يجب استنهاض الوعي بأدوات العصر نفسها وأدبياته، لا بوأد هذه الأدوات وإنما بكيفية التعاطي معها كيلا يتحول المجتمع إلى أداة فعالة ليقتل نفسه بنفسه. محاربة الإشاعة والقضاء عليها أو على الأقل الحد منها يتطلب رفع كفاءة الأفراد ومستواهم الثقافي والمعرفي، لأن الإشاعة لا تستهدف إلا ضعفاء الوعي والثقافة، وتكاثف الجهود من كافة القطاعات التعليمية والإعلامية والدعاة مطلب مهم، إلى جانب الحملات التي أثبتت جدواها من خلال المؤثرين والمتطوعين من خلال الإعلانات التوعوية والمراكز التسويقية ومن ثم نشر الحقائق وتعزيز الشفافية والصراحة المطلقة للمتحدث الرسمي بوسائل الإعلام من تكذيب الإشاعات وتبيين الحقائق وتصحيح الأخبار. ولا يخفى علينا كيف عالج الإسلام قضية الإشاعة عن طريق التثبت قبل التداول، والتحذير من عواقبها الظاهرة المستهان بها كثيراً، ووفق المواد القانونية لا بد من عقوبة المشيع للإشاعة ومروجها لأنها سلاح مدمر للمجتمعات يجب استئصاله تحت منظومة قيمية شعارها درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وحفظ الله أمن البلاد والعباد. نجوى الاحمد - جامعة الاميرة نورا