السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سعدت جدا بالمقال المنشور بالجزيرة يوم 23-2-2016م بقلم الدكتور الفاضل فيصل بن صفوق المرشد.. تحت عنوان «أرامكوا الأم ليست للبيع أو المشاركة».. فقد أصاب الدكتور حين وصف مجلة الأكونومست بأنها أجادت الهمز واللمز والهمس في مضمون حوار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية ووزير الدفاع. حيث تم الذهاب بعيدا في تفسيرات مضمون نص حديث سموه عن أرامكو.. وأحدثت وتفسيرات وتعليقات كثيرة، داخلية وخارجية صاحبت هذه التفسيرات. وباستعراض الماضي والحاضر السعودي يعلم الجميع إن «أرامكو» هي رمز سعودي كبير.. وهي ملك أصيل للشعب السعودي.. وحصن منبع من حصون السياسة والاقتصاد والتنمية السعودية يديرها رجال أوفياء مؤتمنون على ثرواتها ومقدراتها وقد نجحوا في إدارتها والحفاظ على مقدرتها رغم تعاقب الأيام والسنين. حين أسس الساسة السعوديين الأوائل بقيادة الملك العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل «أرامكو» بمشاركة مع الأصدقاء. وضعوا الاشتراطات المناسبة والقوية التي تكفل أن تكون الإدارة والملكية سعودية بالكامل. فالغرب والشرق لن يقدموا لنا أي شيء إلا بمكتسبات يحصلون عليها. وفق مبدأ تبادل المصالح. وأحسن الساسة السعوديون حين وضعوا اشتراطاتهم. رغم انهم كانوا بموقف المحتاج لأموالهم وخبراتهم لتأسيس هذا الكيان العملاق أرامكو.. حتى تحققت الملكية السعودية الكاملة لأرامكو . واليوم مع المتغيرات السياسية حول العالم نرى بوضوح تام حجم الاطماع التي تحيط بنا من كل حدب وصوب ونرى بوضوح ايضا الالاف المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تكبل جميع دون العالم.. وتجعل التدخل بشئونها من قبل الدول الكبرى أمراً قانونيا وفق للمتغيرات السياسية وتبدل المصالح.. وعليه فإن أرامكو الأم والابناء يجب ان تكون بعيدة كليا عن الاكتتابات والشركات.. ويجب أن تكون سعودية تملكها وتديرها الحكومة فقط. لقد أثبتت الأيام بعد النظر وحسن التصرف للساسة السعوديين. حيث أبعدوا أرامكو عن الجميع. وحافظوا عليها كثروة سعودية مصانه. وما تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 عنا ببعيد. فكم قضية رفع على السعودية والسعوديين وحجم التعويضات التي طلب من السعودية لتسديدها.. ولولا توجيهات الملك فهد وحنكة وحكمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز.. لكانت التداعيات على المملكة وشعبها أكثر ضررا.. فقد تحمل هؤلاء العظماء الكثير وبذلوا الكثير من الجهد حتى عبروا بالمملكة وشعبها إلى بر الأمان بعيدا عن تداعيات تلكم المرحلة الخطيرة. يا ترى ما هو الموقف لو كانت أرامكو أو جزء من فروعها يملكها أجانب؟ بالتأكيد الوضع سيكون صعبا للغاية. لاسيما وأن أرامكو هي قوتنا وقوت أجيالنا القادمة. وحين يكون الفرع مملوك بنسب متفاوتة للأجنبي فالخطر سيكون على الأصل أيضا. فالأنظمة والاتفاقيات الدولية وبنودها مليئة بالثغرات وعليه يكون الدخول على أرامكو ليس صعبا. نعم الله تعالى على المملكة العربية السعودية لا تعد ولا تحصى أهمها نعمة الإسلام، ونعمة خدمة الحرمين الشريفين.. ونعمة القيادة الرشيدة العادلة التي تخاف الله. ونعمة خيرات الأرض ممثلة بأرامكو.. وبحول الله فالسعوديون قيادة وشعبا مصرون على حفظ نعم الله عليهم والحافظة عليها ومنها أرامكو. لذا يجب الحفاظ عليها بعيدا بعيدا عن أي تدخلات أو شراكات مهما كان نوعها أو مصدرها أو حجمها أو شكلها.. مرت المملكة العربية السعودية بظروف اقتصادية وسياسية صعبة للغاية أبرزها انخفاض سعر البترول في الثمانينات والتسعينات وحرب تحرير الكويت وتداعياتها.. ومع هذا ظلت أرامكو حصنا قوي الأسوار بعيدا عن أي مزايدات وبعيدا عن أي حل يجعلها مملوكة للغير. ملكية القطاع الخاص ليست هي دائما أفضل الحلول. فلقد نجحت السعودية بإيجاد مزيج ناجح جدا للإدارة وحققت الكفاءة المناسبة من خلال قطاعات اقتصادية مملوكة للدولة تدار بأنظمة خاصة. والأمثلة على هذا أكثر من أن تعد كالبنك الأهلي أكبر البنوك الشرق الأوسط. وشركة سابك وشركة الاتصالات وغيرها كثير.. الطيور الجارحة التي ذكرها الدكتور فيصل المرشد في مقاله لن ترحم. وقد تكون مكتسباتها وقتية. وفي النهاية سيكون هناك سوء في توزيع الثروة وسلبيات أخرى. وبقراءة تجربة مصر في مشروع الخصخصة سنراها تجربة غير ناجحة أدت إلى تداعيات أثرت على الشعب وعلى الاقتصاد وعلى الوضع السياسي العام. وتجربة روسيا أكثر مرارة حيث تكالبت عليها الطيور الجارحة ونزعوا ثرواتها بأبخس الأثمان. كما نجح قادة البلاد الأوائل في حماية وطنهم ومكتسباتهم فإن ثقة السعوديين لن تتزعزع بقادتهم.. الذين ينهلون ويستفيدون من خبرات وتجارب من سبقوهم. وبعد.. نسأل الله تعالى أن يحمي وطننا ويحفظ قادتنا ويديم نعمه على بلادنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.