لاشك أن للملك سلمان بن عبدالعزيز- سلمه الله- اليوم دورا رياديا قياديا كبيرا وملحوظا على المستويين المحلي والعالمي حتى أصبح عهده- سلمه الله- قرينا للحزم والعزم في كل شيء، فله منا الولاء والمحبة والسمع والطاعة في المنشط والمكره وألا ننازع الأمر أهله وعلى أثرة علينا هذه بيعتنا نموت ونحيا عليها. والمواطنة الحقة للمملكة العربية السعودية وصدق الانتماء للأرض بل ومقتضيات البيعة الشرعية، وكذا العقل والمنطق والرؤية الاستشرافية لمستقبل ديننا أولا ثم مستقبل أبنائنا وبلادنا تقتضي إزاء هذه التطورات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية أن نكون على قدر المسئولية وأن نعي ما يحاك لنا ومن حولنا. وهنا نقاط لابد أن توضع على الحروف: أولاً: الرابط الذي يجمعنا على هذه الأرض الطيبة هو رابط شرعي قدري وبيننا وبين الحاكم بيعة شرعية لازمة ولها تبعات ومقتضيات وواجبات والتزامات. ثانياً: أعداؤنا ناصبونا العداء في ديننا أولا وفي مقدراتنا ومكانتنا المحلية والإقليمية والدولية، فنحن لم نتدخل في شئون غيرنا بل نسير وفق معاهدات ومواثيق دولية ملزمة للجميع وفق أطر دولية واضحة المعالم للجميع. رابعاً: بلادنا- ولله الحمد- قوية بالله أولا ثم بهذه الوشائج الوثيقة بين الحاكم والمحكوم والجميع على قدر هذه المسئولية ومتفهم لها، وقد حبانا الله نعما توجب علينا شكرها والثناء على الله بها. خامساً: نخوض حربا ضروسا على الحد الجنوبي تطبيقا للمعاهدات بين الدول العربية واستجابة لنداء الأشقاء والواجب الشرعي وردا على اعتداءات الحوثيين المتكررة على بلادنا، ومع هذا فالمواطن لا يشعر بهذه الحرب أبدا إلا من خلال ما يعرض في القنوات الفضائية فلم ترتفع الأسعار ولم تنقص المؤن، ولم نطلب للالتحاق في جبهات القتال ولو طلبنا لفعلنا، ولم نر عسكرا يجوبون الشوارع بأسلحتهم إلى غير ذلك من مظاهر الحروب المعروفة للجميع. وهذا يدل- ولله الحمد والمنة- أن بلادنا قوية متماسكة وجبهتنا الداخلية أكثر تماسكاً، وهي انعكاس لجبهتنا الخارجية بل إن الجبهة الخارجية تستمد قوتها من الله أولا ثم من تماسك الجبهة الداخلية على رغم محاولات الأعداء المستمرة واليائسة لدق إسفين بين الحاكم والمحكوم من خلال التشويش وبث الإشاعات الكاذبة المغرضة، والجلب علينا وعلى بلادنا بالخيل والرجل والله يحمينا من شرورهم ويرد كيدهم في نحورهم. هذه المقدمة تجعلنا نفهم المقصود من طرق هذا الموضوع المهم جدا في الوقت الراهن وهو من باب التواصي بالحق والتذكير به كما حثنا ربنا على ذلك {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. أما تفاصيل ذلك والتي سأتطرق فيها لأهم المهمات التي تبين وتوضح واجبات المواطن السعودي والمقيم على هذه الأرض الطيبة في الوقت الراهن فبيانها بالنقاط التالية الواضحة والمهمة جدا: 1- أولها صدق الرجوع لله والتمسك به ومعرفة أن النصر من الله وحده قال الله تعالى: {ياَ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد:7). وأن الأمن لا يتحقق إلا بتحقيق التوحيد وأن الحصة للحصة والأمن المطلق للتوحيد المطلق قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82 الأنعام) والظلم هنا فسره نبينا عليه الصلاة والسلام بالشرك بقول العبد الصالح {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (13 لقمان). والتوحيد يعني أن يعبد الله وحده بما شرع لا بالأهواء والبدع، بأنواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات. ومراجعة ذلك في النفس ومع الجماعة فإن الله هو الركن الشديد الذي عناه رسولنا عليه الصلاة والسلام بقوله: (رحم الله أخي لوط كان يأوي إلى ركن شديد). 2- متابعة النبي- صلى الله عليه وسلم- ونشر سنته بين مجتمعنا والحث على اتباعه واتخاذه قدوة لا سواه لقول الله سبحانه وتعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (21 الأحزاب) (بل الاعتقاد الجازم بأن طريق الجنة الوحيد الموصل لها هو طريق محمد- صلى الله عليه وسلم- كما قال الإمام مالك: (فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا» ا. ه. من كتاب الاعتصام للشاطبي ص 18. متابعته في حله وترحاله وتعبده وحكمه وأمره ونهيه، لأن هذا هو سبيل النجاة في الدارين جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي» رواه الحاكم وصححه الألباني رحمهما الله تعالى. فالسنة النبوية هي لنا طوق النجاة وهي سفينة نوح بإذن الله قال ابن وهب كنا عند مالك فذكرت السنة فقال مالك:» السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق». تاريخ دمشق لابن عساكر14/9). 3- طاعة ولاة الأمر من الأمراء والعلماء وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ودليل ذلك ما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني)، وقد أثبت أهل السنة والجماعة هذا الأمر في عقائدهم كما جاء في الطحاوية: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59 سورة النساء). ما أعظم هذا الكلام وليتنا نوقف أنفسنا عنده ونلجمها بلجام الشرع لنجت مجتمعاتنا من هذا العبث وإراقة الدماء المعصومة وهدر مقدرات الأمة الذي منبعه الجهل وقلة التقوى والعلم، ولاشك أن بيننا وبين ولي أمرنا بيعة شرعية ملزمة، والطاعة واجبة في غير معصية في كل وقت وفي هذا الوقت الذي تمر به بلادنا ألزم وأولى. 4- البعد عن أي تبعية لحزب أو فكر أو منهج خارجي من شأنه التأثير على الداخل فتبعيتنا لديننا ودولتنا وبيعتنا للملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- التي سيسألنا الله عنها، بعيداً عن أي أيدلوجيات أو بيعات حزبية أو أفكار خارجية قد كوتنا بنيرانها قبل أن تصل لنا اليوم النداء نداء الوطن، والشرع قد بين ذلك ووضحه بأكمل عبارة وأوضحها، وواجبنا اليوم يوجب علينا الاصطفاف خلف القيادة الحكيمة لنكون صفا مرصوصا أمام كل معتد أو طامع أو منافق متربص بنا الدوائر فالله الله في دينكم والله الله في وطننا. 5- ترك الإشاعة والبعد عنها وعدم تناقلها وبئس مطية القوم قالوا والإشاعة) هي: الخبر يَنتشِر غير مُتثبَّت منه كما عرفه المختصون قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النور: 19)؛ قال ابن كثير: «أي: يختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح». ولاشك أن الإشاعة سلاح فتاك وأمرها عظيم وهي في الحروب أظهر وأخطر وقد اكتوى بها بيت نبينا صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك المشهورة حتى قال الله محذرا من الإشاعة {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} فلنحذركل الحذر من مغبة السير خلف الإشاعة، ومثيريها ومروجيها قاتلهم الله أنى يؤفكون. 6- ترك الذنوب والمعاصي فلقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يوصي عمرو بن العاص رضي الله عنه في إحدى المعارك: وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم. وإنما يُنصَرُ المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة (انتهى). بل المعاصي هي التي تجلب الخراب والدمار قال الشاعر: وحال المجتمعات اليوم من حولنا أكبر دليل واقعي على ذلك والسعيد من وعظ بغيره. هذه في رأيي ومن خلال استقرائي للكتب والمراجع أهم الأمور التي يطالب بها الفرد السعودي اليوم يضاف إلى ذلك تسهيل الحاكم أمور الحياة من معيشية وتذليل للمعضلات والمعاملات خاصة فيما يختص بالمراجعات لأجهزة الدولة ومصالح الناس والتسهيل عليهم. فهذا هو الشكل الحقيقي للمواطنة والترابط بين الحاكم والمحكوم والتراص الذي أمر الله به وحث عليه. ورسالتنا لولي أمرنا مولاي خادم الحرمين الشريفين سلمه الله» سيدي نحن معك ونفي ببيعتنا لو كانت أرواحنا ثمنا لذلك ونذود عن حمى الوطن نعاهدك ونبايعك على السمع والطاعة فسر بنا على بركة الله فوالله لا نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا بل نقول إنا معك مقاتلون أرواحنا لديننا ثم لوطننا ومليكنا فداء وستجدنا بإذن الله قرة عين لك لا نخذلك أبدا ولن ترمنا إلا ما يرضي الله ثم يرضيك وسنحفظ بلادنا وأمننا ونذود عن مقدرات أمتنا والله على ما نقول شهيد». وليعلم الجميع بأننا مطالبون بالدعاء في أوقات الإجابة وبذل الصدقات والإكثار من التطوع كالصيام وبذل المعروف والحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتماسك أفراد الأسرة والمجتمع وانتشار الفضيلة والبعد عما يعكر صفو حياة أفراد المجتمع والرجوع في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، لتسلم لنا بلادنا وأمننا ويعود أعداؤنا بالخزي والخيبة والعار {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} والحمد لله رب العالمين.