منذ البدء ولد نادي الهلال السعودي قويًا حيث أسسه عبدالرحمن بن سعيد في عام 1377هجري ولو استعرضنا مسيرة مؤسس الهلال حيث كانت بصماته واضحة في انطلاقة بدايات الحركة الرياضية في المنطقة الوسطى وتحديدًا من مدينة الرياض مع نقل الوزارات الحكومية من مدينة جدة إلى الرياض العاصمة حيث بادر موظفو الوزارات وأغلبيتهم من مدينة مكةالمكرمة إضافة إلى جدة والمدينة المنورة لتأسيس أول نادٍ غير رسمي بمسمى نادي الموظفين وكان ابن سعيد من ضمن المؤسسين وبعد عامين كاملين من إنشائه وفي إحدى التمارين اليومية المعتادة حدث نقاش بين فؤاد محمد الصائغ وهو أحد أبرز اللاعبين في ذلك الحين وبين رئيس النادي حمزة الجعلي الذي كان في نفس الوقت مديرًا للجوازات في منطقة الرياض آنذاك، فخرج اللاعب من الملعب وأثناء خروجه طلب منه الجعلي تسلم فنيله النادي فرفض وقال: إنه سيعيدها لاحقًا بعدها تلفظ عليه بكلام جارح جدًا وهنا تدخل محمد أحمد صائغ انتصارًا لولده وكاد أن يحصل ما لا تحمد عقباه لولاء تدخل العقلاء. وفي اليوم التالي اجتمع حامد نزهة وعبدالحميد مشخص وصالح بن ظفران ومحمد أحمد الصائغ وابنه فؤاد وعبدالرحمن بن سعيد الذي اقترح فك الارتباط مع نادي الموظفين وإنشاء نادٍ جديد وعقد بعد ذلك أول اجتماع في مكتب مالية الرياض بين أربعة أعضاء محمد الصائغ وحامد نزهة وبن ظفران وبن سعيد وحضر الاجتماع محمد التكروني الذي كان يراجع المالية كونه موظفًا في كراج ومسؤول عن سيارات الأميرة العنود بنت عبدالعزيز وعرض عقد الاجتماعات في مكتبه وبالفعل عقدت عدة اجتماعات متواليه انضم لاحقًا إليها عبدالله بن أحمد واعتمدت فكرة إنشاء نادٍ آخر.. وطرحت 4 مسميات للنادي الجديد الوحدة والأهلي والاتحاد وشباب الرياض وعملت قرعة اختير بموجبها الاسم الأخير وهو الذي كان يرغبه ابن سعيد وأسس نادي شباب الرياض عام 1367هجرية وترأسه الشيخ عبدالرحمن كونه هو صاحب الاقتراح والممول لكافة المصاريف من الملابس الرياضية والملعب وتجهيزاته وبعد عشر سنوات حدث إشكال داخلي أيضًا في نادي الشباب حيث خالف ثلاث لاعبين من الفريق تعليمات رئيس النادي وعندما هم بإيقافهم اعترض بعض أعضاء مجلس الإدارة فآثر ابن سعيد للمرة الثانية ترك الرئاسة. وأسس الأولمبي الذي تحول بعدها عام 1377 إلى نادي الهلال وكان ابن سعيد وقتها موظفًا في الديوان الملكي فأقيمت مباراة خيرية مع أحد الفرق الخارجية وحضر اللك سعود بن عبدالعزيز لمشاهدة المباراة وعندها سأل عن اسم الفريق أبلغه ابن سعيد بمسمى الأولمبي فامر بتغيره إلى اسم عربي فعرض عليه ابن سعيد 3 أسماء اليمامة والوحدة والهلال فاختارالملك سعود اسم الهلال واختار ابن سعيد شعار النادي الأزرق والأبيض بالاتفاق مع كابتن الفريق مبارك عبدالكريم، وفي عام 1381 حقق نادي الهلال أول بطولة كأس الملك على مستوى المملكة حيث فاز على نادي الوحدة من مكة (2 - 3) سجل أهداف الهلال اللاعب رجب خميس وهو أول هاترك في الملاعب السعودية ويروي كابتن الهلال في ذلك الحين مبارك عبدالكريم أحداث تلك المباراة التاريخية حيث يقول: إنه قبل المباراة بيوم اجتمع الشيخ ابن سعيد مع لاعبي الهلال فترجاهم عبدالكريم بألا يخسروا بأكثر من فارق هدفين حيث كان فريق الوحدة هو بطل أول كأس عام 1377 وكذلك وجود نجوم كبار مثل عبدالرحمن الجعيد وحسن دوش وحسني باز وصادق فلمبان ومحمود أبو داود وجاءت نتيجة المباراة مفاجئة للهلاليين أنفسهم حيث انتصروا بثلاثة أهداف مقابل هدفين ولقنوا الوحداويين درسًا لن ينسوه حيث لم يكونوا مصدقين لفارق الإمكانات الفنية وبالمقابل كانت فرحة عارمة جدًا من قبل الهلاليين وهذه بدء الانطلاقة القوية للهلال فاكتسح كل الألقاب الآسيوية والقارية والإقليمية والمحلية من حيث عدد البطولات التي حققها بمجموع 56 بطولة كزعيم لقارة آسيا من دون منازع. والسر في زعامة نادي الهلال وتفوقه وحصده البطولات يكمن في الأسس والمفاهيم والقوانين التي وضعها ابن سعيد عند تأسيس نادي الهلال في حساباته بعد معايشته الصراع الداخلي الأول في نادي الموظفين ثم الصراع الثاني في نادي الشباب فتجسَّدت لديه معلومة معرفية ثابتة أن الإشكاليات والصراعات الداخلية هي الأخطر على أي مؤسسة أو كيان رياضي من التدخلات الخارجية حيث عرف وأدرك منذ دخوله معترك المجال الرياضي ذلك فسن ميثاق شرف هلالي ملزم لأي إدارة تأتي لتدير النادي الأزرق بأن تحل أي إشكالية أو خلافات بين الأعضاء مهما كانت كبيرة أو صغيرة داخل أسوار نادي الهلال وخلف الكواليس ويمنع تداول أو نشر الخلافات في وجهات النظر بين الهلاليين على الملأ أو عبر أي وسيلة إعلامية وأي شخص كائن من كان يحاول إثارة بلبلة أو افتعال إشكالية داخل النادي يتم تجميد عضويته أو طرده حتى لو لزم الأمر .. وأول من طبق ذلك عمليًا هو ابن سعيد ذات نفسه على أحد أقاربه فقبل مباراة الوحدة والهال في ملعب الصائغ وفي التمرين الأخير استعدادًا للمباراة كان من ضمن لاعبي الهلال اللاعبان محمود زرد وحامد عباس فتلفظ قريبه على اللاعبين من المدرجات وعند حضور الشيخ ابن سعيد تم ابلاغه فامر قريبه بمغادرته الملعب فورًا وقد اعتذر لاحقًا بعد فوز الهلال بالكأس ومن ذلك الوقت وحتى كتابه هذه المقالة، ظل الهلاليون يديرون ناديهم بنفس الأسس والمثل والقوانين التي بدأ بها المؤسس وما زالت تطبق حتى الآن رغم وفاة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد.. -رحمه الله-، وهو وضع يتميز به نادي الهلال منفردًا ليس على مستوى الأندية السعودية فحسب بل ربما على مستوى أندية العالم وهذا هو السر في قوة وتماسك نادي الهلال وتفوقه على مدى 60 سنة الماضية. وقفة: لقد التقيت بالشيخ عبدالرحمن بن سعيد 6 مرات على فترات متباعدة سواء في الرياض أو في جدة في أول لقاء كان لي معه -رحمه الله- في مقر نادي الهلال بالرياض وقد دعاني لزيارته في منزله وتفاجأت أنني الضيف الوحيد على ضيفه احتفالية دسمة مفطح كامل وقد قلط معنا الزميل صالح المحرر الرياضي في صحيفة الرياض وسوف أنشر إن شاء الله مذكرات وموضوعات رياضية منها ما هو عن الشأن الهلالي وأخرى عن نادي النصر والنادي الأهلي حدثني بها الشيخ عبدالرحمن -رحمه الله-.