شدد تربويون على أهمية نشر ثقافة العمل التطوعي والتكافلي في المجتمع، لافتين إلى أن البرنامج الوطني لحماية الطلاب من الانحرافات السلوكية «فطن» سيسهم في ترسيخ قيم التعاون والتكاتف وتعميق الإحساس بمعاناة الآخرين، فضلاً عن دوره في تنمية المهارات الحياتية المختلفة لأفراد المجتمع، فيما انتقد مهتمون بهذا المجال دور المؤسسات التعليمية في حث الطلاب ودفعهم إلى الانخراط في هذا المجال الحيوي. كما عزا آخرون ضعف الأعمال التطوعية إلى تراجع وتيرة الترويج لها في وسائل الإعلام. بداية يصف الدكتور خليفة المسعود، مدير تعليم الرس العمل التطوعي بأنه مهارات وسلوك يجب غرسها في نفوس الأبناء من عدة جهات، أولها الأسرة، وقال: حث ديننا الحنيف على الكثير من الأعمال التطوعية مثل إماطة الأذى عن الطريق والتبسم في وجه الآخرين وغيرها من الأعمال، ولا شك أن على المدرسة دورًا كبيرًا في تعزيز ثقافة الأعمال التطوعية، وتأتي ضمن مهامها التربية على القيم والمبادئ النبيلة وعلى خدمة المجتمع، وكذلك غرس العمل التطوعي في نفوس الطلاب من خلال المناهج المدرسية. وقال الأستاذ خالد الحربي، المساعد للشؤون المدرسية بتعليم الرس: إن التطوع يرتبط بالإطار الثقافي للمجتمع وبمدى ترسيخ ثقافة التطوع فيه، التي تعني مجموعة من القيم والاتجاهات والممارسات التي تحث على التطوع وتدعمه وتعلي من قيمة السلوك التطوعي، فثقافة التطوع بهذا المعنى تعد محصلة لعملية تنشئة اجتماعية طويلة تتم عبر الوسائل المختلفة كالأسرة والتعليم ووسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. وقال الأستاذ سليمان السحيم، المساعد للشؤون التعليمية بتعليم الرس: عندما يجد الشخص المتطوع عملاً يؤديه فإنه يشعر بروح الانتماء لهذا العمل وتزداد لديه الرغبة في القيام بأعمال جديدة ويتيح بذلك الفرصة لقدراته الكامنة بالنمو والتطور ويتسم العمل التطوعي بتوافر الخبرات والتأهيل العلمي المناسب والعنصر الثقافي مهم لدى المتطوع والقدرة على العطاء والنضج الفكري والعقلي والانفعالي واللياقة والقدرة على التصرف ومواجهة الموقف المفاجئ، ويحفز على التعاون بين المتطوعين لتنمية روح المحبة والتعاون والألفة لتكريسها في خدمة المجتمع والفرد والوطن. من جهته أكَّد الأستاذ صالح العتيق، مشرف التوجيه والإرشاد بتعليم الرس الحاجة إلى تعزيز الثقة بالعمل التطوعي، مرجعًا ذلك لأن بعض وسائل الإعلام تغلب أحيانًا جانب الاتهام، وتتعامل مع بعض الأخطاء بمنطق التعميم والجرح. أما عبد الله القرني، كاتب بصحيفة المدينة فيقول: العمل التطوعي يخضع لقناعة الفرد ومدى شعوره بالمسؤولية، لذا وجب على المهتمين وضع آلية لضمان تحقيق هذا الاقتناع وذلك عن طريق التواصل بالإعلان حول التطوع، خصوصًا عندما يرتبط بمسألة التنمية الشاملة، اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا والدعوة إليه بما تقتضيه الحاجة، ورفع درجة كفاءة الخطاب للدعوة إليه لتصغير دور المثبطين والمضعفين والمشككين في جدواه وأهميته، وكذلك تحديد العدد المطلوب للعمل وشرح نوع العمل والكفاءة المطلوبة بما يضمن له عدم الملاحقة القانونية أو الاجتماعية. مضيفاً: «يمكن أن نميز بين شكلين من أشكال العمل التطوعي؛ الشكل الأول: السلوك التطوعي: ويقصد به مجموعة التصرفات التي يمارسها الفرد وتنطبق عليها شروط العمل التطوعي ولكنها تأتي استجابة لظرف طارئ، أو لموقف إنساني أو أخلاقي محدد، مثال ذلك: إن يندفع المرء لإنقاذ غريق يشرف على الهلاك، أو إسعاف جريح بحالة خطر إثر حادث ألمّ به - وهذا عمل نبيل لا يقوم به للأسف إلا القلة اليوم - في هذه الظروف يقدم المرء على ممارسات وتصرفات لغايات إنسانية صرفة أو أخلاقية أو دينية أو اجتماعية، ولا يتوقع الفاعل منها أي مردود مادي. أما الشكل الثاني من أشكال العمل التطوعي فيتمثل بالفعل التطوعي الذي يأتي نتيجة تدبر وتفكر، مثاله الإيمان بفكرة تنظيم الأسرة وحقوق الأطفال بأسرة مستقرة وآمنة؛ فهذا الشخص يتطوع للحديث عن فكرته في كل مجال وكل جلسة ولا ينتظر إعلان محاضرة ليقول رأيه بذلك، ويطبق ذلك على عائلته ومحيطه، ويوصف العمل التطوعي بصفتين أساسيتين تجعلان من تأثيره قويًا في المجتمع وفي عملية التغيير الاجتماعي، وهما قيامه على أساس المردود المعنوي أو الاجتماعي المتوقع منه، مع نفى أي مردود مادي يمكن أن يعود على الفاعل، وارتباط قيمة العمل بغاياته المعنوية والإنسانية. ويمكن التمييز بين شكلين أساسيين من أشكال العمل التطوعي هما العمل التطوعي الفردي: وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة ولا ينتظر منه مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية، والعمل التطوعي المؤسسي: وهو أكثر تقدمًا من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيمًا وأوسع تأثيرًا في المجتمع».