يطمح التمويل الإسلامي إلى دخول مجال البنية التحتية حيث تخطط الحكومات والمصرفيون لإقامة مؤسسة جديدة للتعامل مع الصفقات والتوسع في جهود استخدام الصكوك للمشروعات التي تقام بالبلدان ذات الأغلبية المسلمة. ومن شأن طبيعة التمويل الإسلامي المدعمة بالأصول أن تجعله مثاليًا من الناحية النظرية لتشييد شبكات الطرق السريعة والموانئ والمشروعات الكبيرة الأخرى. وبحسب البنك الآسيوي للتنمية ستحتاج القارة تمويلاً للبنية التحتية تقدر قيمته بنحو 800 مليار دولار سنويًا على مدى العقد المقبل. لكن حتى الآن أدت الجوانب الفنية والقانونية والسياسية إلى اقتصار صفقات البنية التحتية الموافقة لأحكام الشريعة على المشروعات المتوسطة الحجم وآجال الاستحقاق القصيرة. وما تم إنجازه من صفقات تمويل المشروعات لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وتحاول الحكومات الآن كسر هذا الجمود، ففي الشهر الماضي قالت إندونيسيا وتركيا والبنك الإسلامي للتنمية الذي يتخذ من جدة مقرًا له إنهم يعتزمون تدشين بنك إسلامي للبنية التحتية وتعهدت كل من إندونسيا وتركيا بتقديم 300 مليون دولار على الأقل. وقال وزير المالية الإندونيسي بامبانج برودجونيجورو «سنقيمه أولاً ثم ندعو الآخرين للانضمام». وتقول إندونيسيا إنها بحاجة إلى 455 مليار دولار على مدى رئاسة ويدودو البالغة خمس سنوات لتطوير المرافق وقد عرضت بنوك متعددة الأطراف تقديم مزيد من الأموال. كما تعتزم إندونيسيا إنشاء بنك آخر للبنية التحتية سيكون مملوكًا للدولة، وترغب أن تضطلع بدور كبير في البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية الذي من المتوقع أن تحصل منه على تمويلات كبيرة. ويجري البنك الإسلامي للتنمية محادثات مع المسؤولين الصينيين لدراسة إمكانية استخدام التمويل الإسلامي من جانب البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تنوي بكين إقامته. وقد يتعاون «الإسلامي للتنمية» مع البنك الجديد في تمويل المشروعات. وقد يكون تحالف البنكين فعالاً فالصفقات التي سيشارك فيها البنك الذي تدعمه الصين قد تحظى بالمساندة من الاحتياطيات الأجنبية الضخمة للصين ونفوذها السياسي وهو ما سيستقطب مستثمرين جددًا للتمويل الإسلامي. وهذا التعاون المحتمل بين البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية - اللذين يشتركان في 20 دولة عضوا- سيتيح مجموعة متزايدة من رؤوس الأموال في أيدي المستثمرين الإسلاميين من القطاع الخاص في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وقال رئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي على هامش مؤتمر «زار وفدنا نظراءه الصينيين ونتوقع أن يقوموا بزيارتنا قريبا». وأضاف «نحن على استعداد للتعاون مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في هذا المشروع ومساعدتهم في تطوير الخبرات في التمويل الإسلامي». ولم يبدأ البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية العمل بعد، لكنه يهدف إلى تلبية الإقبال المتنامي على البنية التحتية في آسيا وكثير من مشروعاته في دول أعضاء بالبنك الإسلامي للتنمية. وقال محمد أفندي عبدالله نائب الرئيس للأسواق الإسلامية في بنك آم انفستمنت أحد أكبر مرتبي السندات الإسلامية في ماليزيا، إن تنامي إصدار الصكوك الطويلة الأجل يساعد في وضع مرجعية لتسعير صفقات البنية التحتية في المستقبل. وكانت الحكومة الماليزية باعت في أبريل ما قيمته 500 مليون دولار من سندات إسلامية مدتها 30 عامًا في أول إصدار سيادي في العالم بهذا الأجل. وإذا كان للصكوك أن تضطلع بدور أكبر في البنية التحتية فسيحتاج المرتبون إلى التعامل على نحو مريح مع آجال الاستحقاق الطويلة. وفي العام الماضي صدرت صكوك قيمتها 114 مليار دولار في أنحاء العالم، لكن ما قيمته 24.5 مليار دولار فقط كان لأجل عشر سنوات أو أكثر حسبما تفيد بيانات من شركة زاوية التابعة ل «تومسون رويترز». وقال عبدالله إن سندات البنية التحتية الآسيوية التقليدية تصل آجالها إلى 20 عامًا. الهياكل إحدى العقبات المتكررة الأخرى لاستخدام الصكوك في تمويل البنية التحتية هياكلها المعقدة، فبعضها يتطلب نقل ملكية الأصول إلى شركات ذات غرض خاص وهو ما قد ينطوي على إشكاليات سياسية أو تشريعية فيما يتعلق بالمشروعات الوطنية الضخمة. وقالت «فيتش ريتنجز» في مذكرة بحثية «قد لا ترغب الجهات السيادية في تبني مثل تلك الهياكل إذا كانت تنطوي على خطر فقد السيطرة على الأصول أو إذا كانت تفتقر إلى اللوائح أو التشريعات الضرورية التي تسمح لها بذلك». وعندما كانت مصر تناقش مشروع قانون للسماح بإصدارات الصكوك السيادية في 2013 أثيرت ضجة بسبب مواد قال المنتقدون إنها قد تسمح للسلطات بإساءة استغلال سيطرتها على الأصول العامة أو تعرض تلك الأصول لخطر سيطرة مستثمرين من القطاع ا لخاص عليها في حالة التخلف عن السداد، ولم يصدر البلد صكوكًا حتى الآن. ويرغب القطاع في تجاوز الحاجة إلى جهود تشريعية ستستغرق وقتًا طويلاً عن طريق تطوير صيغ جديدة. وقال بشار الناطور رئيس التمويل الإسلامي لدى «فيتش» المقيم في دبي «قد يكون هذا شكلاً جديدًا من الصكوك الهجين مثل الإجارة والوكالة.. الاستصناع لم يستخدم بكثافة لكن يمكن دراسته». والإجارة التي يفضلها كثير من المقترضين السياديين هي ترتيب شائع يجري فيه تأجير الأصول أما في الوكالة فيتولى طرف إدارة الأصول نيابة عن الآخر، والاستصناع عقد للتسليم الآجل تسدد فيه المدفوعات على أقساط. وسيتوقف الكثير على ما إذا كان المقترضون سيختارون الهياكل المدعمة بالأصول - التي تشمل البيع الصريح للأصول - أم تلك المعززة بها فقط. وقال الناطور إن تصميم صفقات صكوك البنية التحتية سيزداد سهولة فور توصل السوق إلى توافق على الشكل المفضل. وتابع «سيساعد هذا في تحديد ما إذا كانت الصكوك ترتكز على الجدارة الائتمانية للمقترض أم على الأداء الفعلي للمشروع وهو ما سيكون أقرب إلى التمويل المهيكل». وقال عبدالله من بنك آم انفستمنت أن الالتزامات الطويلة الأجل لصناديق التقاعد وشركات التأمين الإسلامية تتنامى لأسباب منها ارتفاع متوسط العمر المتوقع وهو ما يفرض عليهم النظر في المشاركة بمشروعات البنية التحتية. وأضاف «مشروعات البنية التحتية تستفيد فور استكمالها من اتفاقات امتياز طويلة الأجل تتيح عادة تدفقات نقدية مستقرة ويمكن التنبؤ بها وهي السمات التي يفضلها مستثمرو التمويل الإسلامي القائم نهجهم على الشراء والاحتفاظ».