تمثل الساحات البلدية المنتشرة في مدينة الرياض، متنفسا رائعا للسكان، خاصة في ظل ضخامة المدينة وتحولها إلى مدينة مليونية ضخمة. فبعد سنوات من وجود الحدائق التقليدية المسورة التي انتهت عمليا، وأصبحت مهجورة، وبعد عقود من تأثير الطفرة العمرانية على كثير من أحياء العاصمة، جاءت هذه الساحات لتشكل نقلة نوعية مميزة. فبينما كانت أراضي الفضاء متنفسا الأهالي، حيث الجلسات التقليدية أمام المنازل «الدكات» وموقعا لملاعب الحواري، بل إنها تتيح مجالاً بصرياً مفتوحاً، أثرت الطفرة العمرانية على فضاءات الأحياء، حيث لم تترك مجالا لحرية الحركة المفتوحة وضاقت الأحياء بساكنيها وسياراتهم. وخلال السنوات الماضية استشعرت أمانة منطقة الرياض، أهمية إعادة التوازن العمراني والاجتماعي لأحياء العاصمة، والتقطت حاجة الأهالي لروح جديدة، فأبدعت أيما إبداع في إيجاد الساحات البلدية على مختلف أشكالها وتصاميمها، وأعادت هيكلة الحدائق القائمة من خلال إعادة تصميمها. كما أنها واهتمامها بمضامير المشاه، أوجدت مواقع آمنة لممارسة هذه الرياضة. الآن نعتبر نحن سكان الرياض، الساحات البلدية متنفسا فريدا، ففيها تجد العائلة المساحات الشاسعة الخضراء للجلوس، وفيها يجد الطفل الملاعب المناسبة، وإلى جوار العائلات يمارس الشباب رياضاتهم المختلفة في ملاعب مجهزة تحت أنظار أهاليهم. ومن هنا أسوق عدة مقترحات منها، إيجاد دوري رياضي لشباب أحياء الرياض يحمل مسمى بطولة «أمير منطقة الرياض للساحات البلدية» تنظمه وتشرف عليه أمانة منطقة الرياض، بنظام الدوري وليس بنظام التصفيات ولعب مباراة واحدة فقط كما هي البطولة الرمضانية التي تقيمها أمانة منطقة الرياض مشكورة، ومن المقترحات الأخرى دعم وتفعيل وظيفة تلك الساحات في إيجاد مشرفين متعاونين يسهمون في تعزيز القيم الدينية والوطنية والأخلاقية بين الشباب في الساحات البلدية والاهتمام بالمحافظة على تلك الممتلكات التي تم إنشاؤها من أجل الشباب، ومن أهداف وجود مشرفين أنه يسهم في الالتزام بالمحافظة على الوقت، خاصة أوقات الصلاة، حيث إن الكثير من الساحات البلدية قريبة جدا من المساجد ولا بد أن يتوقف اللعب فيها للتوجه لأداء الصلاة لنشكل مشهدا أخلاقيا يعزز من المحافظة على قيمة الصلاة في نفوس شبابنا وأبنائنا، وهنا أدعو للاستفادة من معلمي التربية الرياضية وطلاب الجامعات بمكافأة رمزية في أن يكونوا مشرفين على تلك الساحات، وهنا أنوه بدور المسؤولية الاجتماعية للشركات والبنوك والمؤسسات الخيرية في دعم ومساندة تلك التوجهات الوطنية وتعزيزها بين فئات الوطن، خاصة الشباب. وقبل الختام أقول شكرا لجريدتي العزيزة «الجزيرة»، وشكرا نقولها لأمانة منطقة الرياض.. وننتظر المزيد من الإبداع والعمل الخلاق لخدمة الرياض وأهلها.