تابع الوسط الرياضي يوم الخميس الماضي ردة فعل الرئيس النصراوي في برنامج أكشن يا دوري، عن مطالبة الشبابيين بالتواجد في الجهة الشمالية، حسب ما هو معمول فيه في كل البطولات والدوريات .. حيث وصف الرئيس النصراوي تلك المطالبة بالاستفزاز بالوكالة .. وهو الأمر الذي أغضب الشبابيين .. وأرجو ألا يغضب مني الشبابيون لو قلت إني أتفق معه على هذه العبارة وتحديداً في جزئية الاستفزاز .. وإن اختلفت المبررات لديّ عن صاحب المقولة. فلعل الحديث عن الاستفزاز يتعلق بداخل الميدان.. وهنا باعتقادي سيتفق معه الشبابيون قبل النصراويين .. فثماني سنوات خلت لم يذق فيها النصر الفوز على الليث سوى بمباراة مرعي الشهيرة .. بل إنّ الليث كان يفوز حتى وهو منقوص منه لاعب ولاعبان وعند الحكم العمري الخبر اليقين .. وحتماً فريق كهذا سيثير الاستفزاز. وحتى على مستوى المواجهات المباشرة في النهائيات، فالليث لم يزأر فقط بل كان ينهش جسد النصر بقسوة .. فأربع نهائيات مختلفة ما بين دوري وكأس جمعت النصر بالشباب كان آخرها السوبر، لم يكن للنصر فيها حظ أو نصيب .. بل كان في كل مرة يكتفي بالمركز الثاني ومشاهدة الكأس وهي بأحضان الليوث .. وحتماً فريق كهذا ينسيك الذهب عند حضوره سيثير الاستفزاز. وسيطرة كاملة لليوث في لقاءات النصر بالصافرة الأجنبية طوال أعوام ماضية وبمختلف البطولات .. حيث دان الفوز أو على أقل تقدير التعادل للفريق الشبابي في كل مناسبة يلتقي فيها مع النصر.. ولم ينه ذلك الطوفان الشبابي الذي أغرق الجزيرة الصفراء سوى انتصار العام الماضي، ووقتها شاهدنا فرحة النصراويين الهستيرية في الملعب .. فحتماً فريق كهذا يسقيك كل هذا المر سيثير الاستفزاز. وبظني عندما تواجه كل تلك الانكسارات أمام فريق واحد .. وتختفي لديك لغة الانتصارات عندما يكون ذاك الفريق هو المتحدث أمامك .. عندها لا لوم عليك لو استفزك اسمه .. وجلب لك الغضب ذكره .. فالصوت الشبابي كان ولازال موجعاً داخل الملعب، ولذا فلم يحتج يوماً للجعجعة خارجه .. ودراما حزينة عاشها الأصفر من حلقات طوال كهذه مع الشباب لا يمكن حتماً أن يستمتع بعنوانها فضلاً عن مشاهدة أحداثها .. ولذا فطبيعي ذكر الشباب وحده يثير الاستفزاز. أما ربط الاستفزاز بالوكالة فلم أجد له تفسيراً خصوصاً والأمير لم يفسّر ذلك سوى أنّ المقصود بذلك: أن الهلال يحارب النصر والشباب هو السلاح بذلك نظراً للتنافس الكبير بين الناديين.. وهنا إن صدق تأويلي للوكالة فعليّ تذكير الرئيس النصراوي قبل جمهوره، بأن حصول النصر على الدوري قبل عامين بعد جفاف السنين كان بمنافسة شرسة مع الهلال .. ولم يتم تعطيل الهلال وإبعاده عن الدوري إلا عندما انتصر الشباب عليه بقذيفة حسن معاذ .. ولا أظن هذه المباراة قد مضى عليها زمن طويل حتى تنساها الإدارة النصراوية بل حتماً هي تتذكرها جيداً وربما تذكر حتى أدق أدق تفاصيلها .. فهل فريق كالشباب لا يعنيه هذا وذاك .. بل وعبّد للنصر طريقه للدوري بعد السنين العجاف هل سيرضى أن يدير استفزازاً بالوكالة .. رفقاً بعقولنا فالوعي وصل مداه للمتلقي ولم تعد نظريات المؤامرة تنطلي على أحدٍ أو يلقي إليها بالاً. المذهل أني توقعت الرئيس النصراوي يعود عن ذلك الحديث غير الموفق.. فإذ به يطالعنا مساء السبت بمجموعة تغريدات تصنّف ما يحدث من الشباب بالإثارة.. بل وتطالب باستمرار التقاليد الموروثة والتي حددت دكة كل فريق من سنين.. وكأني بالموروث حتى وهو خاطئ يصبح قدراً.. في حين أنّ الحديث عن تغييره يعتبر إثارة وتأجيجاً.. ولا أدري أي معيار هذا وفي أي مكان ذاك الذي يشرعن التجاوز.. في حين بالمقابل يفرّعن الآخر لا لشيء سوى أنه صرخ بوجه هذا التجاوز. أخيراً .. فإنّ أكثر ما يعانيه الوسط الرياضي هي أزمة فكر .. فعندما توصف المطالبة بالحق بأنها استفزاز .. والخطأ بأنه حق بسبب تراكمه لأعوام .. عندها علينا أن لا نتوقف طويلاً عند هذا الكلام .. بل علينا البحث كيف نعيد الأمور لنصابها .. وذلك بسن القوانين وفرض النظام على كائن من كان .. حتى لا تستدعي العدالة مستقبلاً كل هذا الضجيج وتقابل المطالبة فيها بالاستغراب .. وحتئذ أقولها باختصارٍ لم يعد يجدي معه الإسهاب: كم أنت مستفزٌّ يا شباب !! آخر سطر الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.