بعد إعلان تحرير محافظة مأرب قبل أيام، لم يتبق هدف أمام القوات الشرعية المدعومة من قوات التحالف العربي سوى تحرير العاصمة صنعاء من قبضة مليشيات الحوثي وصالح التي تسيطر على العاصمة اليمنية منذ انقلابهما على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي العام الفائت. ويمثّل تحرير المواقع الإستراتيجية التي كان يتحصن بها الحوثيون غربي محافظة مأرب اليمنية، أهمية سياسية وعسكرية بالنسبة للجيش الوطني باعتبار مأرب هي البوابة الشرقية للعاصمة. وطبقًا لمراقبين محليين فإن الطريق إلى العاصمة اليمنية بات مفتوحًا، عن طريق خولان غربي مأرب، وهي المناطق المحاذية ل»صرواح»، آخر معاقل الحوثيين التي تم تحريرها، وإن جيوب الحوثيين في مناطق حباب مثلاً، هي أضعف بكثير من أن تقاوم، لا سيما أن قبائل من خولان وعدت التحالف والمقاومة في لقاء جمعهما مؤخرًا، بالوقوف ضد الحوثيين في تلك المناطق وتسهيل مهمة قوات الشرعية في طريقها إلى صنعاء. وتكمن أهمية السيطرة الكاملة على مأرب في قرب المسافة بينها وصنعاء التي تقدر بحوالي 170 كيلو مترًا فقط، فضلاً عن أن مأرب منطقة حدودية وتقع على مقربة من منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية، وهو المنفذ الوحيد الذي لا يزال يعمل، بعد أن أغلق الحوثيون جميع المنافذ مع المملكة، وعبر الوديعة تمر القوات العسكرية التابعة للتحالف العربي، والجيش اليمني المدرب حديثًا، وكذا البضائع والوقود والسلاح والعتاد، وصولاً إلى محافظة مأرب وحضرموت. ومنذ أسابيع، تتجمع قوات الشرعية مع قوات التحالف في مأرب، حيث ستنطلق منها المرحلة الحاسمة من الحرب ضد جماعة الحوثي وصالح، ويتوقع أن تتحرك قوات الشرعية نحو صنعاء من عدة اتجاهات بعد التنسيق مع تجمعات قبلية موالية للشرعية في خولان وفي أرحب، أهم المناطق الإستراتيجية المحاذية للعاصمة صنعاء. وفي حين بدأت المعركة البرية تتجه نحو صنعاء من ناحية مأرب وتحت غطاء جوي لقوات التحالف، فإن التوقعات تقول بأن جبهات أخرى ستنهار وستفتح بوابات أخرى لصنعاء خصوصًا جبهة البيضاء وذمار وإب وتعز والمحويت والحديدة وعمران. ويعتقد مهتمون أن إعلان صالح وجماعة الحوثي التزامهم بتنفيذ القرار 2216 والخاص بتسليم السلاح الثقيل والخروج من المدن، هو أشبه بإعلان هزيمة بعد تحرير مأرب، وبينما وصفت الحكومة هذه الخطوة من قبل صالح والحوثي بأنها ليست سوى «مناورة» ذهب مراقبون للقول أن صالح بات محتاجًا فعليًا لتسوية لإخراج نفسه من مأزق قادم إليه لا محالة. قبائل يمنية تقنع التحالف بالتفاوض مع صالح يقول المحلل السياسي والإستراتيجي نجيب غلاب ل «الجزيرة» إن صنعاء إن لم تسقط سياسيًا فلا محالة أنها ستسقط عسكريًا، وهذا الأمر قد يقتضي تفعيل الطاقات المقاومة المساندة للشرعية والتحالف العربي لتكون شريكًا فاعلاً وإذا حدث ذلك فإن صالح سيقدم التنازلات الكافية وستنهار جبهات الحوثية في محيط صنعاء كلما زادت نار المقاومة والجيش الوطني، مبينًا أن الأمر قد يحتاج في الوقت نفسه إلى تشغيل الأجهزة الأمنية بمختلف تشكيلات لإسناد الأمن وعزلها عن الصراع بين الأطراف وتحييد دورها وربطه فقط بالمسألة الأمنية لتأمين العاصمة من الفوضى وهذا يحتاج إلى التعامل بصرامة مع الحركة الحوثية، ولأن ذلك غير ممكن فإن التفكير بانقلاب أمني وعسكري على المليشيات ومسنود من المقاومة القبيلة يظل خيارًا مهمًا. على حد قوله. حصار صنعاء قبل إسقاطها ويرى المحلل اليمني غلاب أن صنعاء لا تحتمل أي حرب داخلها وتتحمل الحوثية نتائج تحويل صنعاء إلى رهينة مغتصبة بالحديد والنار وتهديدها بالدمار، متوقعًا أن يتم محاصرة صنعاء حتى يتم إنهاك الانقلاب ويصبح عاجزًا عن تغطية حاجات الأمن والخدمات و»هذا كفيل بتحركات من محيطها ومن داخلها ومن المؤسسة الأمنية والعسكرية والضغط باتجاه استسلام الحركة أو مواجهتها وإخراجها قسرًا من قبل القوات الشرعية والقوات التي انخرطت بالانقلاب ليتم بعدها بناء توافق يحقق مقررات مجلس الأمن ويعيد تركيز القوة لملاحقة الميليشيا الفوضوية المصرة على استمرار العنف» على حد قوله. جماعة الحوثي تستعد لمعركة صنعاء في سياق متصل، تجري الاستعدادات لمعركة صنعاء من قبل جماعة الحوثي وصالح، في وقت يعتقد البعض أن الجماعة قد لا تستسلم وإنما تمضي بالمعركة إلى نهايتها خصوصًا أنها أثبتت عدم اكتراث بأرواح المدنيين وبالمساكن والمنشآت الحيوية منذ بداية المواجهات قبل أشهر في أكثر من محافظة يمنية، وتحديدًا تعز وعدن. وقالت مصادر محلية في صنعاء إن الجماعة بدأت منذ أيام بحفر خنادق ومتارس وحواجز أسمنتية وترابية في أكثر من حي بالعاصمة اليمنية، متوقعة أن تكون الجماعة قد عزمت على المواجهة العسكرية حتى النهاية.