دائمًا ما أقول بأن الشِّعْر لايلتقي بالترجمة إلا في المصادفات الجيِّدة. الأمر نفسه مع النصوص النثرية العالية, أو شذرات الفلسفة, وكل ما يتقاطع ومراتب الصورة واللغة والرؤية. إلا أن أمر الشِّعْر مختلف مثله تمامًا؛ قاسٍ ومرتبك, كمزاج الشاعر حين احتشاد ما, ومرن كمذاق حلوى كراميل سهلة التشكيل. هذه نصوص قصيرة متفرقة للشاعر الأمريكي: «تيد كوزر»؛ من فئة الكراميل «لحظة القالب»؛ من أجل خاطر مصادفة جيِّدة أيضًا: بَعْدَ المسافة: رأيتكِ اليوم من الغياب تمضين بعيدًا بلا صوت ينزلقُ الوجه المضيء كقطعة جليد إلى البحر تتساقط أوراق شجرة البلوط القديمة ملء كمبرلاند حفنة أوراق, وامرأة مُسنَّة تنثرُ حبوب الذُّرَة لدجاجاتها؛ تفتشُ عن لحظة.. في الجانب الآخر من المجرَّة نجمة بحجم شمسنا انفجرت وذابت على هُوَّة سحيقة في قلبي دون أدنى بشر أُخبره مرحبًا: ترفرفُ يداه كأجنحة الطيور وهي تنسجُ أعشاشها كل رفرفة بشريط حريري فاخر.. في كامل أناقته للصباح يقفُ أمام المرآة يرفرفُ بيديه لوجهه: مرحبًا! الطيران ليلًا: من تحتنا نجوم ومن فوقنا أبراج من تحتنا مُزَارع تشعره تلك المسافة ببرودة الموت يتقصَّفُ الضوء على أرضه؛ ناشرًا ظِلاله مرتدًا إلى شكل صغير.. كالنجم البعيد؛ تتلألأ المدن كل ليلة مشدودة بالطرقات الساطعة وحيدة قُرب الأضواء الموحشة مثله الذين حضروا الجنازة: تجمَّع المُعزون بعد الجنازة تحت حفيف شجرة القيقب في ساحة الكنيسة يتحدثون بأصوات كالأصوات التي تُحْدثها كومة الأوراق.. تضيء قمصانهم البيضاء في الظِّل خط ضوء أبيض على سطح الماء يحدقون في وجوه بعضهم ببطءٍ كافٍ لتنزلق أيدهم من أيدي بعضهم.