سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ الفاضل خالد بن حمد المالك - حفظه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: قرأت مقالة عنوانها (العقوق الصامت) للكاتب سلمان بن محمد العُمري المنشورة يوم الجمعة الخامس عشر من شهر شوال 1436ه. وقد آلمني وجود عقوق الوالدين في مجتمعنا المسلم، من خلال ما تبيّنه إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية من ارتفاع عدد نزلاء دور المسنّين في المملكة (رجالاً ونساءً) وذلك ممّن وضعوا والديهم في تلك الدور. نسأل الله العفو والعافية في ما يسمى (دار العجزة) بقصد أو بغير قصد أمر غير مقبول ولا مستحسن بأي حال من الأحوال. وعلى الجانب الآخر قرأنا عن استقبال المحاكم في مناطق المملكة نحو 251 دعوى وقضية عقوق من قبل آباء وأمهات ضد أبنائهم، خلال الأشهر التسعة الماضية منذ بداية العام الحالي، حيث سجل ما يقارب 95 في المائة منها ضد الأبناء الذكور !! وسجلت محاكم منطقة الرياض العدد الأعلى ب31 في المائة باستقبالها 77 دعوى عقوق، تليها محاكم منطقة عسير ب45 قضية، وبنسبة 18 في المائة، وفي المرتبة الثالثة محاكم المنطقة الشرقية ب37 دعوى، وبنسبة 15 في المائة، تليها محاكم منطقة جازان تسجيلها 34 دعوى. وتفاوتت النسبة بين محاكم المناطق الأخرى في المملكة. وبهذا فنحن أمام قضية خطيرة عقوق الوالدين والله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. ووردت العديد من الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة التي أوجبت طاعة الوالدين وبرهما، وتوقيرهما، وليس وضعهما في دور العجزة والمسنين. قال تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}. وقوله عز وجل: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}. وتوعّد الله - عز وجل - العاقين بأشد الوعيد يوم القيامة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة قد حرّم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث» رواه الإمام أحمد بسند صحيح. وعدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بر الوالدين من أفضل الأعمال، وذلك فيما روى البخاري - رحمه الله - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي العمل أفضل قال: «الصلاة لوقتها، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين». إنّ عظم شأن الوالدين كبير ودعوتهما مستجابة، ولابد من تنبيه الأبناء على عظم حق الوالدين وعدم التهاون والتساهل بشأنهما. ودور المدرسة والمسجد وبقية مؤسسات المجتمع في التوكيد على ذلك. وحريّ بالمؤسسات الإعلامية مواصلة التذكير والتحذير بنفس الوقت من عقوق الوالدين مستعينة بكل وسائل الاتصال الحديثة. وعلى وزارة الشؤون الاجتماعية عدم التساهل في قبول كل حالة تأتيها، بل ينبغي التقصي والبحث عن الحالات التي تستقبلها، حيث إنّ من الخطورة فتح الباب على مصراعيه فمن غير المعقول أنّ هناك آباء وأمهات وأعمام وخالات وذوي المحارم في دور المسنين وأقرباؤهم ينعمون بالخير والراحة والطمأنينة. ويحزن القلب وتنفطر الكبد من وجود آباء وأمهات من عوائل وحمائل كبرى في المملكة يقبعون في دور المسنين. وإذا كان ذووهم عاجزين عن صرف لقمة العيش لهم أو علاجهم، فالدولة - أيّدها الله - لم تقصر في هذا الجانب، فتصرف المساعدات المادية والمعنوية لكل فئة محتاجة كبرت أم صغرت. الموضوع ذو شجون وهو واقع مرير مؤلم أخي الفاضل سلمان، نحيي فيك حسن اختياراتك وحصرك على ما يخدم دينك ووطنك. فبورك فيك وفيما كتبت.