بادئ ذي بدء أحيي (الجزيرة) تبنّيها لهموم الناس، وتناول قضاياهم ومشكلاتهم.. ووقوفها المشرّف مع الجمعيات الخيرية في المملكة.. ومن ذلك ما تناوله الأستاذ سلمان بن محمد العُمري في تقريره الصادر يوم الجمعة بملحق آفاق إسلامية العدد (15520) تحت عنوان: (جمعيات التحفيظ تتطلع لمكرمة المليك لزيادة إعانتها السنوية). وإني إذ أشكر الأخ سلمان العُمري اهتمامه غير المستغرب بالقرآن الكريم وأهله، حيث إن الملحق المبارك (آفاق إسلامية) متميز جداً في نشر ورصد الأعمال والمناشط لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم. إن ما طرحته (الجزيرة) حول معاناة الجمعيات القرآنية وقلة الدعم المادي هو الصحيح، فمن غير المعقول أن ميزانية الجمعيات (11) أحد عشر مليون ريال فقط لم تتغير منذ (22) اثنين وعشرين عاماً..!! فهذه الجمعيات الخيرية القرآنية التي تحتضن (900) ألف طالب وطالبة منتشرين في أنحاء مملكة الخير بدولة القرآن، من غير المعقول أن تكون الميزانية قليلة لا تكاد تكفي فرعاً من فروع منطقة الرياض!! نعم، نضم صوتنا مع صوتك أيها (العُمري) بنقلك لتطلع القائمين على الجمعيات لملك الخير والعطاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيده الله بالنصر والتوفيق - بزيادة ميزانية الجمعيات الخيرية دعماً لمسيرتها المباركة.. فهذه الجمعيات تعاني من شح وندرة الموارد المالية ولا بد من مؤازرتها ودعمها المستمر. إن الناظر والمطلع على الأهداف المباركة لحلقات القرآن الكريم يجد أن من أولوياتها تعليم الطلاب القرآن الكريم تلاوة وتجويداً وتدبيراً، والسعي إلى تحفيظهم له عن ظهر قلب، وغرس حب القرآن في نفوسهم، وتعريفه بعظمتهم، وتربيتهم على تعاليمه وآدابه.. وتخريج دفعات من الطلاب المؤهلين لتدريس القرآن الكريم، وتولي إمامة المصلين في المساجد.. ولهذه الجمعيات القرآنية آثار عظيمة - أيضاً - إضافة إلى حفظ القرآن، والتنشئة على هديه، وتحثهم على المحافظة على الصلاة مع جماعة المسلمين، وقضاء أوقات فراغهم فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة، والبعد عن الأماكن السيئة. إن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة تواجه صعوبات ومعوقات كثيرة ليس شح الموارد المالية ونقصها، بل إلى عدم وجود المدرس ذوي الخبرة والكفاءة، وقلة المعلمين والموظفين المتفرغين للعمل في الجمعيات، وندرة وجود المؤهل في هذا المجال ببعض المناطق. ولا شك أن ندرة الموارد المالية التي تعد (عصب الحياة) الأساسي لها يحد من نشاط الجمعيات وتحجيم نشاطها.. كما أن ضعف العمل الإعلامي في الجمعيات لا يقدم الرسالة الحقيقية للمجتمع.. ولا بد من بذل جهود إعلامية كبرى تسهم بشكل كبير في إقناع القادرين والموسرين على تقديم الدعم من خلال رسائل إعلامية مدروسة. وعلى الجمعيات القرآنية بذل مساعيها في إقامة أوقاف خاصة بها، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد يجب عليها السعي في دعم ومساندة الجمعيات مالياً بالمطالبة برفع ميزانيتها، وتقديم إعانات من غلال الأوقاف الكثيرة التي لديها وهذا من أوجه البر التي يجب أن تصرف فيها.. ومدّها بالموظفين المتفرغين من الوزارة. وفي الختام لعله من حسن الطالع إعادة النظر في وضع إستراتيجيات للعمل التطوعي، ومن ذلك الجمعيات القرآنية وتخصيص ميزانيات كبيرة لها لتشق طريقها وتحقق أهدافها.