يخلط بعض كُتاب السيناريو والحوار بين عُنصر التشويق في العمل الدرامي كعُنصر (جاذب) للمتُلقي وبين تشتيت انتباه المُتلقي بإقحام مجموعة من المشاهد (المفجعة) أو المثُيرة بدون مُبررات درامية تُذكر، مما يساهم في (نفور) المُشاهد من هذه الأعمال بسبب عدم استطاعته التفاعل مع أحداثها التي لا تُلامس الواقع وهموم الحياة اليومية. كاتبة لا تتطور ولعل الكاتبة هبة مشاري حمادة، واحدة من الكاتبات اللاتي يستمتعن بالخلط بين التشويق وتشتيت انتباه المُشاهد، والغريب أنها فعلتها في أكثر من عمل (فارط) مما يؤكد أنها لا تسعى حتى لتطور من نفسها. بدأ مُسلسل (أمنا رويحة الجنة) بأحداث مغرقة بالحزن المُفتعل التي تشبع منها المُشاهد الخليجي، وعلاوة على ذلك هُناك خلل كبير وواضح في (الحبكة) الدرامية لذا لم يكن البناء الدرامي للعمل مُتماسكاً كما ينبغي، لذا ظهرت المشَاهد التراجيدية (المُشبعة) بالميلودراما ثقيلة على المتلقي. الكاتب المُتمكن من أدائه يصنع الشخصيات بطريقة أقل ما يُقال عنها انها مُتقنة ومُقنعة للمُشاهد، بينما لم تفلح (هبة) في صناعة شخصيات العمل كما ينبغي، على الرغم من أنها حاولت أن تُقدم شخصيات الأطفال كشخصيات مُحورية لكنها لم تستطع صياغة ذلك بطريقة مُقنعة تنسجم مع أحداث الصراع الدرامي. أداء المُخرج غير موفق بدأ المسلسل بمشاهد حاول فيها المُخرج محمد القفاص، أن يُترجم النص المكتوب بطريقة غير موفقة، ولم تُسعفه الخبرة على مدار سنواته الطويلة في عالم الإخراج، أن يُصلح الخلل في البناء الدرامي للعمل، وبالمُناسبة فإنَّ القفاص، بدأ يُكرر نفسه كثيراً، أي أنه في السنوات الأخيرة لم يُطور من أدائه، رغم أنه يمتلك هذه الموهبة التي تتعارض مع تخصصه الأساسي، حيث إنه يحمل البكالوريوس في تخصص اللغة العربية من جامعة البحرين ثم اتجه للإخراج وعَمل مُساعداً للمخرج المصري مُحيي الدين جلال في أعمال الكاميرا الخفية في التلفزيون البحريني، ثم استقل بعدها كمخرج في عمل الكاميرا الخفية «سكوت ح نصور»، ثم بعد ذلك توجه للأعمال التراجيدية طبعاً في ظل (شُح) المخرجين في الخليج العربي في تلك الفترة، وعلى الرغم من الفرص الكبيرة والمتعددة التي حصل عليها القفاص لتطوير الذات وتطوير عمله كمخرج إلا أنه لم يستغلها كما ينبغي، وبالتالي لم يتطور أداؤه لذا لم نُشاهد إبداعاً أو تميزاً في هذا المسلسل. بالغ المُخرج في استرجاع الذكريات بطريقة «flashback»، وكثرة (الارتجاع) الفني في مثل هذا النوع من الأعمال (يُقصي) عامل الإبداع ويجعل المتلقي أسير الذكريات، وأنا هُنا لا أُقلل من أهمية «flashback»، في دفع عجلة الصراع الدرامي إلى الأمام ولكن الطريقة المُثلى لذلك ترتيبه بطريقة منطقية تتناسب مع الأحداث عوضاً أن يكون هو الأساس في بعض المًشاهد والحلقات. سعاد عبد الله أداء باهت المنطق الدرامي يقول انه كُلما زادت خبرة الفنان التمثيلية كان الفنان أكثر نضوجاً وقُدرة على تقديم الشخصيات التي يتقمصها بطريقة (بارعة). لكن يبدو أن المُمثلة سُعاد عبد الله لها رأي آخر في هذه المقولة حيث قلبت المنطق الدرامي رأساً على عقب، وذلك بظهورها بأداء أقل ما يُقال عنه انه باهت من خلال تقمصها لدور الأم (فاطمة) التي غابت عن أولادها وأحفادها لمدة تزيد على 30 سنة، هذه الشخصية لم (تتشربها) سُعاد كما يجب لذلك ظهرت مُملة وغير مقنعة للجمهور. وبكل أمانة وحتى كتابة هذه السطور، لا أدري متى تتطور الأعمال الخليجية ففي كل عام أحلم كغيري في أن نُشاهد عملاً (يمحي) الصورة الذهنية السيئة التي ارتبطت عندنا في هذه الأعمال. نحلم بعمل (ينبض) بواقع مُجتمعنا الخليجي وتفاصيله يُلامس همومنا فيجذبنا إليه حتى يأسرنا من فيه بإبداعهم، بيد أننا نُصدم في كل عام بأعمال تُعيدنا للوراء وتزيد من (تخلفنا) الدرامي.