حين فتح عينيه مستقبلاً الضوء لم يستطع الكلام بل تأوه من الآلام التي انتشرت بنصف جسده الذي ما زال يشعر به بينما النصف الآخر لا يزال خارج سيطرته على إثر العملية. هرع إليه الممرض بإبرة ليسكن الآلام فصاح من الألم ثم عاد للنوم. رأى في الحلم كل من ظلمهم, زوجته التي طالما نالت من بذيء كلامه وعماله الذين صرخوا من سياط غضبه, كل الوجوه تنظر إليه مكفهرة. فتح عينه بصعوبة, بكي من شدة الألم وضغط زرا أحمر بجانبه ليسرع إليه الممرض بحقنة مؤلمة أخرى تنسيه الألم بألم أشد. مرت عليه ثلاثة أيام لا يبرح السرير إلا متكئا على ممرض ليقضي حاجته. أقسم إن عاد لصحته, لأن يعتذر لمن أخطأ بحقهم ويعاملهم بالحسنى ويعوض ما سلف. ما أصبرهم على سوء خلقه وما أتفه ما عنفهم لأجله. ثلاثة أيام أُخَر، فإذا به خارج المستشفى, واقف على قدمية بثبات, على محياه ابتسامة كبيرة, يملأ رئتيه بالصحة. وقف أمامه سائقه الخاص بالسيارة الثالثة له ونزل مرحباً متناولاً الحقيبة من يده وألقى بها بداخل جوف السيارة والتفت مبتسماً لرب عمله, فكافأه بصفعة كبيرة من يده الضخمة وهو يشتم ويلعن قائلاً مصعراً خده: ملابسي أيها الوغد!!