لم يكن يوم الثلاثاء التاسع من شهر رجب المحرم من عام 1436ه يوماً عادياً ذلك أنه شهد رحيل قمة من قمم الوفاء والهدوء والسكينة. رجل عرفته المجالس بأخلاقه العالية وهدوئه الدائم وسمته الفذ. رجل مهاب إذا دخل مجلساً نهض الجميع قياماً ليس خوفاً منه بل محبة قذفها الله في قلوب محبيه وأبنائه وأحفاده. رجل مهاب في قوله وفعله.. كلماته معدودة وألفاظه محسوبة ولكن ذات فعل ساحر لمستمعها. رجل مهاب في سمته وصمته وسكونه وحركاته.. ذلكم هو عمار بن سعد بن عبد العزيز العمار إذ غيبّه الموت فجر ذلك اليوم. فهو قضاء الله الذي كتبه على بني آدم بأن يودعوا الدنيا والأحباب والأصحاب ليتركوا ذكراهم الطيبة ترن في الآذان وسمعتهم العطرة تدوي في الآفاق. لقد كان رحيل الشيخ عمار بن سعد بن عبد العزيز العمار خطبا جللا وحدثا مؤلما ترك أثراً في نفوس محبيه وحرقة في أكبادهم لم يخففها إلا الرضا بقضاء الله احتساباً لما قدره وتسلحاً بالصبر. والموت باب وكل الناس داخله فهنيئاً لمن يدخله بعد حياة حافلة بالعطاء والبذل والسخاء وطيب المعشر وحسن الخلق وحياة مفعمة بالنشاط والحب وحسن التربية. رحل ابن عمار مخلفاً بعده ما أنعم الله عليه من البنين والبنات فلم يكن شاكياً ولم يكن متأففاً؛ فالبنون سلكوا حياتهم في خدمة بلادهم وأمتهم أما البنات فقد استطاع بكل حكمة واقتدار تربيتهن وتعليمهن والإحسان إليهن في زمن يضيق أحدهم بالفتاة الواحدة. بناته أحبهن وقدرهن فبادلنه حباً بحب واحتراما باحترام وهيأ الله له حتى رأى وحضر تزويج حفيداتهن. في مجالسه لم يكن يذكر أحداً بسوء ولم ينقل عن أحد كلاما، ولم يعهد عليه أحد إلا بالبشاشة عند اللقاء والابتسامة عند الزيارة. هذا هو ابن عمار كان ملء السمع والبصر فصار اليوم رهين أطباق الثرى. نسأل الله الكريم أن يكون قبره روضة من رياض الجنان.