لم تكد البلاد تسترد أنفاسها من جريمة القديح البشعة، وتعيد ترميم مسجد الإمام علي بن أبي طالب، للصلاة فيه، حتى استيقظ الناس في الجمعة التالية على جريمة كادت أن تكون كارثية لولا محاولة استيقاف الإرهابي الذي تنكر بزي نسائي، وأراد الدخول لقسم النساء المغلق، قبل أن يتم منعه، ويفجر نفسه في مواقف سيارات مسجد العنود بالدمام، ليقتل الشابين محمد العيسى وعبدالجليل الأربش، وهما ابن الزميلة الكاتبة في هذه الصحيفة كوثر الأربش، وابن أختها.. رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته، وألهم أهلهما الصبر والسلوان. ففي تفجيرات الرياض قبل أكثر من عشر سنوات، كانت المجمعات السكنية للأجانب هي المستهدفة، حيث كان الإرهاب آنذاك يطلق صيحات: اخرجوا المشركين من جزيرة العرب، دون أن يراعوا حرمة دم المعاهد والمستأمن، ولكن كانت رسالة الإرهابيين واضحة ومعلنة، لكن ما هي رسالة الإرهاب التي يقصدها من تفجيرات المساجد التي توالت هذين الأسبوعين، في المنطقة الشرقية؟ لم تنفع قديما سياسة استهداف الأمريكان والأجانب في المملكة، في جعل البلاد مكاناً غير آمن للعيش، بل استمر هؤلاء الأجانب في مهامهم وأعمالهم التي تعود بالخير والنماء على اقتصادنا الوطني، فعاد الإرهاب بوجه آخر، وهو استهداف المساجد، وقتل المصلين الآمنين في المناطق التي يقطنها المواطنون من الأخوة الشيعة، في محاولة قذرة لخلق صراع وتناحر طائفي في البلاد، رغم أنه ذلك مستحيلاً، خاصة أننا نعمل معاً عشرات السنوات مع أصدقاء وزملاء لا نعرف إن كانوا سنة أم شيعة، يجمعنا حب الوطن، والحرص عليه، وعلى أمنه واستقراره، رغم أن ذلك لا يثنينا إطلاقاً عن انتقاد الأداء الحكومي في كثير من الجهات، وهو ما نفعله باستمرار في الكتابة الصحفية، لأن الهدف في النهاية هو تطوير مقدّراتنا وتحسين خدماتنا، وتحقيق أحلامنا في الوصول إلى أفضل أداء وإنجاز. ولعل ما يشعرنا بالطمأنينة، أن كافة المواطنين من مختلف مناطق المملكة، وقفوا جميعاً في وجه الإرهاب البشع، وأدانوا هذه الجرائم البشعة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بل أن بعضهم شارك في مراسم العزاء في القطيف، وفي الدمام، وقبل هؤلاء شاركت الدولة وعلى مختلف المستويات في عزاء الشهداء في القطيفوالدمام، كما هو الحال في مختلف مناطق المملكة التي تتعرض لهجمات إرهابية أو كوارث طبيعية. بحاجة كبيرة، في هذا الزمن الصعب، إلى تكاتف المواطنين، وشعورهم بدورهم الأمني، رحم الله الشهداء، وأحسن الله عزاء الزميلة الكاتبة كوثر الأربش وعائلتها.