فيما تواصل وزارة التجارة والصناعة متابعة الأنشطة التجارية المخالفة بمختلف مناطق المملكة، صدر مؤخراً حكمٌ ابتدائي من المحكمة العامة في محافظة العلا، يقضي بالسجن لمدة عشر سنوات لأحد ممارسي نشاط «الترميش» المخالف للنظام، الذي يندرج تحت الاحتيال المالي. ويأتي ذلك تتويجاً للتعاون المثمر بين الوزارة والجهات الحكومية المختصة، وعلى رأسها إمارة منطقة المدينةالمنورة وهيئة التحقيق والادعاء العام. وفي سياق ذلك، حذرت الوزارة عموم المواطنين من الوقوع ضحية للأنشطة التجارية كافة غير المشروعة ومن إغراءات الكسب السريع التي تمارَس من قِبل عدد من المحتالين الذين يمارسون أنماطاً جديدة من النصب والاحتيال، وذلك بادعاء القدرة على توفير أرباح أو سيولة نقدية خلال فترة وجيزة. ودعت الوزارة إلى الإبلاغ عن المخالفين، وعدم التعاون معهم، مبينة في الوقت نفسه أن أنشطة إغراءات الكسب السريع تعتمد على الخداع والغش والتدليس والغرر، كما أنها قد تكون نافذة وواجهة لعمليات غسل الأموال. وأكدت الوزارة أن ممارسات أنشطة الكسب السريع تهدف إلى خداع المواطنين من خلال إيهامهم وإغرائهم بالكسب والثراء السريع، ودون وجود مسوغ نظامي أو قانوني يجيز مثل هذه التعاملات. مبينة أنها تندرج تحت الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف بموجب قرار سمو وزير الداخلية رقم 2000 وتاريخ 10/ 6/ 1435ه. وأوضحت أن يقظة الأجهزة الحكومية المعنية وارتفاع الوعي لدى المواطنين والمقيمين كافة سيحدان من انتشارها، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، ويحمي عامة الناس من الوقوع ضحية لمثل هذه الممارسات الخادعة التي تمارس شتى أنواع التدليس والغش لإيهام المتعاملين معها بالكسب والربح السريع، التي قد تنتهي بضياع أموالهم وسرقتها، وربما التورط في عمليات غسل أموال دون علمهم. وكانت وزارة التجارة والصناعة قد حذرت في وقت سابق من إغراءات الكسب السريع؛ إذ نظمت حملات توعوية في مختلف وسائل الإعلام، بما فيها الصحف المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي؛ وذلك بهدف تنبيه عموم المواطنين من الوقوع ضحية لإغراءات الكسب السريع. ويُعرف الترميش بعملية بيع سلعة بالأجل لأشهر عدة بثمن يتعدى الضعف في الغالب؛ إذ يقوم بعض التجار - ويطلق عليهم «المُرَمشين» - بشراء سيارات من عامة الناس بالأجل، على مهلة غالباً لا تتعدى أربعة أشهر، يتم في نهايتها سداد كامل المبلغ، ويتم الشراء مقابل مبالغ تُعتبر أضعاف قيمة السيارة بضمان كمبيالة موقعة من المشتري. وفي المقابل يكون هناك وسطاء يتلقفون السيارات التي اشتراها «المرمش» بالأجل، عبر الشراء في مزاد فيما بينهم بمبلغ نقدي أقل من قيمتها السوقية. وعلى صعيد متصل، جددت الوزارة تحذيرها من الممارسات الاحتيالية كافة، التي من ضمنها التسويق الهرمي، وتجارة تصنيع صناديق القلابات «التيدرات» ثم استئجارها. وأوضحت الوزارة اعتماد تجارة التسويق الهرمي الممنوعة في كثير من دول العالم على تسويق وبيع سلع أو خدمات بأسعار عالية، مع الإيهام بتحقيق أرباح مجزية من عمولات البيع الذي يجب أن يتم وفق آلية محرمة شرعاً ومضللة، وتنطوي على نصب واحتيال؛ إذ يعد نشاطاً ممنوعاً وفقاً لقرار وزير التجارة والصناعة رقم (91) وتاريخ 4/ 1/ 1434ه. وتقوم تجارة التسويق الهرمي على بيع منتجات من السلع أو الخدمات التي يقوم بشرائها مستهلكون ليسوا في حاجة لها، وذلك بالشراء لذاتها بهدف الانضمام للسلسلة الهرمية التي تقوم بالتسويق وجذب ضحايا جدد وفق الأسلوب الهرمي الممنوع دولياً؛ إذ سبق أن أعلنت الوزارة إيقاف شركة كيو نت (Q-net) التي تنشط في هذا المجال، وتعد امتداداً لشركات سابقة دأبت على تغيير مسماها من وقت لآخر، مثل شركة «بزناس» و»كويست» و»قولد كويست». كما تعد تجارة «التيدرات» أحد الأنشطة التجارية الممنوعة؛ إذ تقوم على أساس توقيع عقود تصنيع صناديق «قلابات» بتكلفة تصل ل 75000 ريال بالتزامن مع توقيع عقود استئجار وهمية لمدة ثلاث سنوات، وبعائد شهري مغرٍ للغاية، مع تقديم ضمانات تتمثل في عقود وكمبيالات أو شيكات «دون رصيد» كضمان للدفعات الشهرية. يُذكر أن وزارة التجارة والصناعة سبق أن أوقفت شركة الإنشاءات المتعددة نهاية عام 2012، التي تقوم بالنصب والاحتيال على المواطنين ببيع عقود وهمية لتصنيع صناديق قلابات بمبلغ 75 ألف ريال، والوعد بالحصول على أرباح شهرية تصل إلى 4 آلاف ريال، بادعاء استئجار الشركة للصناديق وتشغيلها مع شركات أخرى، ويتم ذلك دون أن يتسلم أو يرى المشارك الضحية الصناديق التي صُنعت له. وفي هذا السياق، تابعت الوزارة بداية العام المنصرم إحدى الشركات التي تمارس نشاطاً مماثلاً لما كانت تقوم به شركة الإنشاءات المتعددة؛ وتم استدعاء المسؤولين فيها للوزارة مرات عدة، فيما تبيّن أن ما تمارسه تلك الشركة يندرج تحت النصب والاحتيال؛ إذ لم يقدم المسؤولون فيها أي مستندات أو عقود تدعم ادعاءات الشركة، وتوضح موقفها؛ ونتيجة لذلك تم إحالة الموضوع لهيئة التحقيق والادعاء العام. ودعت وزارة التجارة والصناعة عموم المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر، وعدم الانجراف مع هذه الممارسات الخادعة التي من أشكالها تجارة «الترميش»، والتسويق الهرمي، وبيع صناديق «التيدرات»، أو الاستثمار عن طريق مواقع استثمارية مشبوهة على الإنترنت، وغيرها من ممارسات النصب والاحتيال.