تحدثت في الأسبوع الماضي عن احتمال توجه وزارة التعليم لانتهاج إستراتيجية جديدة لتطوير التعليم والتي أشار لها وزيرها بالتعبير «تعليم أقل وتعلم أكثر» وبينت أصل تلك العبارة وأنها شعار برنامج تطوير التعليم السنغافوري، وحيث إن التعليم هو وسيلتنا للتنمية والحضارة والرخاء فتطويره يشغل أذهان معظم السعوديين، لذا أعود للحديث اليوم عن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم (تطوير)، والذي أطلق عام 2007 م واستهلك أموالاً طائلة تقدر بمليارات الريالات وتبلور هذا المشروع بالخطة الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم والتي أعلنت العام 2012 وحدد لها (10) أهدافا إستراتيجية هي: 1. تمكين المدارس وإدارات التعليم من إدارة عملية التطوير وتوجيهها. 2. تحسين المناهج الدراسية وطرق التدريس وعمليات التقويم بما ينعكس إيجاباً على تعلم الطلاب. 3. إتاحة فرص التعلم المتكافئة ونظم الدعم لجميع الطلاب. 4. توفير تعليم رياض الأطفال للجميع. 5. تهيئة بيئة تعليمية تتلاءم مع متطلبات التعلم في القرن الحادي والعشرين. 6. تعزيز صحة الطلاب وبناء شخصياتهم وانضباطهم ورعايتهم. 7. تعزيز مجالات التعاون مع الأسر والمجتمعات المحلية في دعم ثقافة التعلم. 8. تطوير نظام لتمهين وظيفة التعليم. 9. زيادة فعالية التقنية في رفع مستويات الأداء وتحسينه. 10. تحسين الحوكمة، والقيادة، والحوافز، والسياسة التعليمية لإدامة نموذج تطوير المدارس. ،هذه الإستراتيجية أعدت لتنفذ على مدى خطتين خمسينيتين أي أن مدة تنفيذها (10) سنوات وحتى العام 2022م وحصلت هذه الخطة في العام الماضي على دعم جديد بلغ (80) مليار ريال، ونحن اليوم نرى إرهاصات لتخطيط جديد للتعليم وتطويره خصوصاً بعد دمج وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي بوزارة واحدة للتعليم. ولنا أن نتسأل ماذا حدث لمشروع (تطوير)؟، وماذا أنجز؟ وماذا طور؟ وهل نحن بحاجة لتخطيط جديد لتطوير التعليم؟ أم الاستمرار في تحسين البرنامج الذي خطط له واستهلك الوقت والأموال. ينطبق على مشروع (تطوير) المثل القديم «نسمع جعجعة ولا نرى طحينا»، للمشروع مبنى لا تخطيه العين من ضخامته يتوسط ناصية طريق مكة وللمشروع بوابة إلكترونية جيدة التصميم وبليغة المحتوى إسهاب وإطناب وتتحدث عن مشاريع يقول الموقع إنها قيد التنفيذ، منها المدرسة الإلكترونية والمراكز العلمية والبرنامج الوطني لتطوير المعلم وبرنامج مصادر المحتوى الإلكتروني وغير ذلك من المشاريع الهامة، ولكن الموقع لا يتحدث عن متى ستكون هذه المشاريع حقيقة واقعية، وما إذا كان سيعاد النظر في هذه المشاريع. المواطن الذي يوصل ابنه أو بنته للمدرسة كل يوم في أي مدينة أو بلدة في المملكة لا يستشعر منجزات مشروع (تطوير) فالمناهج لازالت هي منذ نهاية القرن الماضي والمعلمون لم يتغير أسلوبهم في التعليم ومعظم المدارس تفتقر للأنترنت وإدارة المدرسة لازالت تسير بتوجيهات يومية من إدارات التوجيه التربوي والتراسل بينها لا زال بالفاكس، والتعليم برمته لا زال (مكانك سر). فأين التطوير وأين تنفيذ إستراتيجية التطوير؟. وزارة التعليم اليوم أمام تحد كبير يتمثل في إعلان موقفها من مشروع (تطوير)، قبل أن تبدأ في أي مشاريع أخرى، وعليها عبء تطوير قدرتها على التخلي عن القرارات المركزية ومنح إدارت تعليم المناطق استقلالية في التشغيل كمرحلة أولى تتدرج فيها الاستقلالية لتصبح المدارس وحدات مستقلة تشغيلياً، وفيما يخص التعليم العالي فقد حان الوقت لتكون الجامعات كل منها كيان مستقل عن وزارة التعليم يرسم سياستها و يديرها مجلس أمناء من ذوي الكفاءة والخبرة، وتتنافس فيما بينها لتحقيق معدلات تميز وتطور والتحدي الأهم لوزارة التعليم الجديدة هو أن تكون وزارة سياسات وخطط إستراتيجية وتطوير مستدام للتعليم كمحتوى وكمصادر معرفة وقياس تحصيل.