* هل للعامي أو الجاهل أن يجتهد ويبحث ويقرأ في مسألة ليصل إلى القول الصحيح؟ - كيف يجتهد العامي وليست عند الأهلية؟! فالعامي جاهل ليست عنده أهلية، وفي حكمه المبتدئ الذي لم يتأهل لمعرفة النصوص والتعامل معها على الجادة التي عرفت عند أهل العلم. فمثل هذا لا يجوز له أن يتطاول على النصوص ويستنبط منها أو يبني عليها أحكاماً ويرد بها أقوال أهل العلم؛ لأنه ليست لديه الأهلية، وإنما فرضه سؤال أهل العلم كما قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (43) سورة النحل، وفرضه - أيضاً - بناء على ذلك وما يترتب عليه أنه يقلد أهل العلم. * * * بيع وشراء الأعمى * هل يجوز للأعمى أن يشتري ويبيع مع الناس؟ - نعم يجوز له أن يشتري ويبيع مع الناس إذا كانت لديه أهلية لمعرفة السلع، وكانت السلع توصف له. وبعض من أصيب بالعمى عنده دقة وحساسية يستطيع بها التفريق بين الجيد والرديء، وبعضهم في هذا قد يفوق كثيراً من المبصرين. فالعميان يبيعون ويشترون على مر العصور والدهور من غير نكير بين أهل العلم، لكن إذا غُش فيما يدرك بالبصر فإنه حينئذ يكون له الخيار كغيره. * * * تقوى الله سبب لحصول العلم * قال الله تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}. هل يقتضي هذا أن تقوى الله سبب لحصول العلم؟ - لا شك أن ترتيب الجملة الثانية على الأولى يقتضي ذلك، وأن أولى ما يستعان به على تحصيل العلم التقوى، والعلم الذي لا يحصِّل التقوى ولا يورث الخشية من الله - جل وعلا - فإنه لا ينفع. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (28) سورة فاطر، وهذا حصر، فالعلماء هم الذين يخشون الله - جل وعلا - فإذا لم توجد هذه الخشية انتفى الوصف المرتب عليها وهو العلم. فالذي لا يعمل بعلمه ويخرم ما تقرر عنده من خلال هذا العلم من فعل واجبات وترك محظورات فإن هذا ليس بعلم، بل هو جهل لقوله - جل وعلا -: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} (17) سورة النساء. ويقرر أهل العلم أن كل من عصى الله فهو جاهل ولو عرف الحكم بدليله؛ لأن العلم في الحقيقة ما نفع، وهذا لم ينتفع بعلمه؛ إذن هو جاهل. ولو قلنا: إن التوبة لا تصح إلا من الجاهل الذي لا يعرف الحكم خالفنا ما عليه إجماع أهل العلم من أن من يعرف الحكم إذا وقع في أمر محظور وعصى الله - جل وعلا - ثم تاب منه فالتوبة تهدم ما كان قبلها، فتقبل توبته بشروطه ولو كان عارفاً للحكم، فكثير ممن يشرب الخمر - مثلاً - يعرف أنه محرم، ويعرف دليله من الكتاب والسنة، فهل نقول: إن مثل هذا ليس له توبة؟! ما قال أحد من أهل العلم بهذا، إنما المراد بالجاهل الذي لا يعمل بعلمه، فكل من عصى الله فهو جاهل. يجيب عنها - معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء - عضو اللجنة الدائمة للفتوى