مع افتتاح معارض الكتاب، يزداد إقبال الناس على القراءة، ويتجّهون نحو اقتناء الكتب على اختلاف أنواعها ومضمونها؛ منتهزين هذه الفرصة التي لا تتكرر إلا كل عام. وهذا ما تشهده الساحة حاليًا تزامنًا مع افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب لعام 2015، فكما هو ملحوظ كل عام، يزدحم معرض الكتاب بالزوار، نتيجة فتحه أبوابه للمجتمع بكافة طبقاته وأفراده بما فيهم من تباينات اجتماعية وثقافية، واختلافات في العمر والتفكير والوعي والمستوى التعليمي. ولعل هذا الحدث يُظهر تجسيدًا إيجابيًا لمبدأ المساواة؛ تتضّح في إتاحة الفرصة لأبناء المجتمع جميعًا بالحصول على المواد المقروءة والكتب التي تشبع حاجاتهم المختلفة، أو بحضور الندوات وورش العمل والبرامج الثقافية المقدمة في المعرض. ومع هذه المناسبة قد يتساءل البعض عن سبب الإقبال الكثيف على معرض الكتاب، وما أن كان جميع مرتاديه يأتون رغبةً في اقتناء الكتب والاستفادة مما في المعرض، أم لأسباب أخرى. حيث يتعارض هذا المشهد مع ظاهرة ضعف الإقبال على القراءة! وبغض النظر عن دوافع الناس المختلفة لزيارة معرض الكتاب، سواءً كانت رغبةً في القراءة، أو البحث العلمي، أو حب الاستطلاع، أو للحصول على توقيع كاتبٍ ما، أو المشاركة في الأنشطة والبرامج المختلفة، أو قضاء وقت الفراغ، أو حب الظهور وإبراز الذات، أو دوافع أخرى.... وأيًّا كانت دوافعهم، فالأسباب تتعدد والمكان واحد، وستظّل زيارة الناس لمعرض الكتاب مظهرًا حضاريًا مرغوبًا، يسهم بشكلٍ أو بآخر في نشر ثقافة القراءة، وتنمية توجه الأفراد نحو الكتب، وإدراك أهميتها في تنمية الفرد والمجتمع على حدٍّ سواء. فحتى لو لم يبدِ الإنسان اهتمامًا بالقراءة، فإن صور الكتب بأعدادها الضخمة والمتنوعة، والحديث عنها، وكثرة العبارات والرموز والشعارات والأنشطة المرتبطة بالقراءة، تشكلّ مع بعضها صورةً ذهنية إيجابية لمفهوم القراءة، تتخزن بطريقة لاواعية في العقل البشري ليتبرمج على إدراك أهميتها. يقول د. عبدالكريم بكار: «إن كثيرًا من الناس لا يحتاج إلا إلى الشرارة الأولى ليبدأ مسيرة القراءة، وبعد ذلك سيؤدي التراكم المستمر لمعلوماته لإحساسه بمباهج المعرفة، وسينمي ذلك فيه الشعور بالثقة والاعتزاز، وسيضيف إلى حياته معنى جديدًا لا يضيفه إلا العلم، وسيمثل كل ذلك الوقود المطلوب لمتابعة رحلة القراءة». لِنرتدي القبعة الحمراء، ونتفاءل قائلين: نتمنى أن يكون للمكتبات العامة والتجارية نصيبًا من ذلك الإقبال الكثيف على معارض الكتاب، وبنفس الدرجة، فتتحول زيارة المكتبات إلى أسلوب حياة وثقافة اجتماعية.