عندما يذكر معرض الكتاب فإن الصورة الذهنية التي تطرأ على البال غالباً، أفواج من المثقفين وهواة القراءة تتحرك في أصقاع المعرض بحثاً عن الجديد. في معرض الرياض للكتاب 2010 تبدو الصورة مختلفة، إذ يرى الأطفال في زوايا المعرض المختلفة، في دور النشر المخصصة لهم، أو لسواهم، وتقرأ في عيونهم خليطاً من الذهول والمتعة. ذهول في القاعة الضخمة التي تضم على رفوفها عشرات الآلاف من الكتب، ومتعة بانتظار هدية جديدة، خصوصاً عندما تراهم ينبشون إحدى الزوايا بحثاً عن كتاب. لكن المشهد الأكثر متعة عندما تشاهد أحد الأطفال مثقلاً بكيسين مليئين بالكتب، يجرهما جراً، وهو يرسم ابتسامة منتصر على شفتيه. حضور أسري كثيف لمعرض الرياض للكتاب، يؤكده عماد الدين رفاعي من دار القلم العربي (سورية)، الذي شدد على أهمية دور الأسرة في تنمية مهارات القراءة لدى الأبناء، مذكراً بالمثل الشهير «العلم في الصغر كالنقش في الحجر». ويعتبر رفاعي أن ما يشاهده في معرض الكتاب، دليل على أن الكتاب لم يفقد أهميته ونكهته، ولم يتنازل عن حقوقه للإنترنت، مشيراً إلى أن المكان والمساحة والتنظيم هذه السنة أفضل من السنوات السابقة، إذ أعطت مجالاً أوسع وخياراً أفضل للزوار في البحث والقراءة ومشاهدة الجديد من الكتب، مشيراً إلى أن الأطفال يأتون برفقة ذويهم أو مع معلميهم كنشاط مدرسي. من جانبها، تؤكد الكاتبة ناهد الشوا أهمية دور الأسر في تنمية حب القراءة لدى الأبناء، وتقول: «ما شهدناه خلال الأيام الماضية من حضور أسر مع أطفالها يدل على أن قيمة الكتاب لم تفقد مكانتها لدى الأسرة، على رغم وجود شبكة الإنترنت التي أصبح من السهل إيجاد أي معلومة من خلالها»، داعية إلى إنشاء مكتبة داخل المنازل لتعزيز أهمية ثقافة القراءة لدى جميع أفراد الأسرة. إحدى زائرات المعرض أم ريم تؤكد أن تنمية ملكة القراءة لدى الأبناء تعتمد بالكلية على الأهل، ومدى قدرتهم على تنمية الاطلاع لدى أبنائهم من خلال زيارة المكتبات أو المعارض. وتلفت إلى أن كثيراً من الأسر تعتقد أن تعليم الأبناء القراءة يبدأ مع تعلم أبنائهم الحروف الهجائية، وتعترض على ذلك بقولها: «المفهوم السائد لدى كثير من الأسر للأسف خاطئ، فهم يعتقدون أن تنمية حب القراءة عند الأطفال وربطهم بالكتاب هما مهمة المدرسة وحدها، وأنه يجب الانتظار إلى حين وصول الطفل الى سن السادسة ودخوله المدرسة ومعرفته للحروف ومن ثم تعلم القراءة». وتشير إلى أن البحوث التربوية والنفسية أظهرت أهمية السنوات الخمس الأولى في بناء شخصية الطفل وتحديد أنماط سلوكه، «الدور الأساسي يبدأ من المنزل، ثم المدرسة لأن كلاً منهما مكمل للآخر ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما». وتلفت سهى إلى أهمية إنشاء مكتبة منزليّة وتخصيص قسم منها للأطفال وتزويدهم الكتب والمجلات الخاصّة بهم، وإقامة معارض للكتب الخاصة بالأطفال ويمكن أن تنفذها المدارس بشكل مصغر يخدم المجتمع المحيط به، إضافة إلى إنشاء مكتبات في مختلف الأحياء السكنية وتزويدها المعارف والعلوم والمواد المناسبة للقراءة الحرة ودعمها بمختلف النشاطات الداعمة، وتعيين متخصصين يجيدون أصول التعامل مع الأطفال ويستخدمون الوسائل الكفيلة بتشجيعهم على القراءة، واستثمار الأماكن العامة مثل الأسواق والمكتبات التجارية للتوعية بأهمية القراءة، وتفعيل دور وسائل الإعلام الحديثة في توضيح دور الأسرة الحيوي والمهم في تعليم الأطفال القراءة وتنمية هذا الجانب لديهم، خصوصاً أن الإقبال على المعرض يشهد تطوراً كل سنة.